إبتهال بنت عبد العزيز العيسى ">
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن لله عبادا اختصهم لقضاء حوائج الناس، حببهم للخير وحبب الخير إليهم، أولئك الناجون من عذاب يوم القيامة).
التطوع مفهوم قديم منذ أن وجد الإنسان فهو مؤسسٌ وموجودٌ في جميع الديانات والأعراق البشرية والمجتمعية على اختلاف أجناسها وأماكنها، فقد ذكر الله ذلك بعدة مواضع في القرآن الكريم، منها قصة موسى عليه السلام للإمرأتين: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ}، كذلك تلفتنا قصة ذي القرنين بسورة الكهف بقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا * قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا * آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا * فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا}، ومما يؤكد تعزيز المفهوم العام لمعنى التطوع وأنه يندب إليه قوله تعالى: {وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}.
إن المتأمل في هذه الآيات وفي غيرها من القصص والتجارب والتماثيل يستطيع أن يجعل للتطوع مفهوما مميزا عن غيره، إلا أن المهتمين بالتربية الاجتماعية قد وضعوا مفهوما رائعا له يسطَّرُ في: فعل سامي اختياري بلا مقابل يصدر من الإنسان عندما يستشعر بمسؤوليته على المجتمع والأشخاص المحيطين حوله. لذا فإن العمل التطوعي بمجمله عمل غير ربحي غير وظيفي أو مهني. مجالات التطوع كثيرة لا حصر لها ولكن حاولنا حصر البارز منها في:
1- التطوع المالي كالتبرعات النقدية بكافة مجالاتها الخيرية.
2- التطوع الميداني كالإسعافات الأولية للمصابين وتنظيم الحفلات وتنظيم الحركة المرورية.
3- التطوع الديني مثل الابتسامة وإماطة الأذى عن الطريق واسعاد الآخرين.
4- التطوع الفكري مثل كتابة المقالات الهادفة والبحوث العلمية ونشر العلم والتعلم.
حين يتمرس الانسان على أن هذه الحياة ليس دائما بمقابل مادي حينها سيجد أثراً كبيراً لأعماله التطوعية في سلوك حياته وبصيرته فلها من تهذيب النفس ورفع همتها والنضج الفكري والعقلي والقدرة على التصرف في المواقف الصعبة المفاجأة الشيء الكبير، وهي فرصة عظيمة لتكوين صداقات جديدة وتبادل الخبرات بين المجتمع وتنمية الثقة بالنفس فيشعر الفرد بقدرته على المشاركة وإحداث العمل الفعلي الواقعي، وفي الأخير إسعاد الآخرين وزرع البسمة في شفاهم علاجٌ لنا قبل أن نقدمها لغيرنا، فعندما نصبح فردا نافعا لمجتمعه نحظى بالأجر والثواب من عند الله والتقدير والاحترام من الآخرين. اسأل الله أن نكون فردا صالحا يخدم دينه ووطنه ومجتمعه، وأن يبارك لنا في علمنا وعملنا.