د. خيرية السقاف
مع كل الذين يرغبون في تسجيل أسمائهم في الموسوعات العالمية للمقاييس المتفوّقة،
ومع كل المهوسين لضم أسمائهم إليها، بما فيهم من يدفعون أموالاً لتنزل أسماؤهم في قوائمها، والموهومين عند ترشيحهم بصدق الترشيح ..!!
الذين يسعون « لتكبير» حجم منجزاتهم ، مثل: «أكبر كعكة»، أكبر تشكيل فني «للزهور»، أكبر «قوّة» في الرّكض، أقدر طاقة في حمل الحديد، في تسلُّق الجبال، في حشر الأُنوف، وكل الأكبر، والأكثر، والأقدر،..!
علينا ألاّ ننسى أولئك الكاذبين الذين تتفوّق أكاذيبهم لوحات الزهور الأرضية، وكعكات الأفراح والمناسبات اللافتة، ومضامير السباق الخارقة،..!!
ذلك لأنّ الأكبر في الإنجاز البشري هو الكذب لا محالة...!!
ولتأكيد هذا، لابد من القياس ولكن بوحدة مضمونة ودقيقة، صدقاً وثباتاً!!
فأيّ الوحدات التي تتسع لأحجام وكميات وأنواع الكذب القائم، المنتشر في الواقع..؟!
أتخيّل أنّ الكاذبين يحتاجون لتوفير « مَنخل»،!!
أجل، كالذي كانت تستعمله الجدّات في الفصل بين الحبوب، والبقول، والأعشاب الجافة،
وما علق بها من الأتربة، والخشاش، وما ليس منها،..!!
فهو ما يحتاج إليه الواقع لقياس الأكاذيب ،
ذلك لأنّ منخل الجدّات، ذلك الدقيق المسام، المتقن في عمله، الذي لو وُجد الآن على صغره فلسوف يكون أدقّ الأدوات، وأتقن الآليات، وأصدق المقاييس، وأنظف الوسائل التي يمكنها أن تفصل بين مرارة الكذب، وحلى الصدق،
بل «الأصدق والأثبت» الذي سيجلي عن صنّاع الكذب أنفسهم
ولسوف تتصدّر أسماؤهم في التفوُّق أعلى قوائم القياس،..!
إنّ «منخل» الجدّات كان صادقاً كصدقهن، وفيَّاً بمهامه كإيفائهن إتقاناً لأعمالهن، دقيقاً كوحدة قياس بين الحقيقي، والدخيل،
إن سيتناسب وحجم الأكاذيب التي بلغت مداها في واقع البشر صدقاً، التي ستتفوّق عند نخلها على كل الأرقام التي يستوعبها العقل البشري ثباتاً..!!