يوسف عبدالله الدخيل ">
حدد نظام العمل السعودي ساعات العمل اليومية لأي موظف بـ8 ساعات.. وبالتأكيد فإن المشرع حين وضع 8 ساعات راعى الجوانب الصحية والاجتماعية والنفسية للموظف.
وكما هو معلوم فإن زيادة ساعات العمل يؤدي إلى أضرار نفسية وصحية، وقد يؤدي إلى أخطاء كبيرة يرتكبها الموظف بحق نفسه وبحق منشأته وبحق الصالح العام.
موظفو القطاعات الحكومية والأهلية والخيرية يخضعون لمتابعات وتحكمهم الأنظمة.. وفترات أعمالهم معروفة. ومعلومة. ومحددة.
لكن سائقي الشاحنات بعيدون تماماً عن المتابعة والملاحظة.. وتجبرهم ظروف عملهم إلى ساعات عمل إضافية ومرهقة للغاية، مما يولد أخطارا كبرى وجسيمة يجب عدم التهاون بها.
عدة جهات تشترك ضرورة سن تشريع صارم وقوي لحماية سائقي الشاحنات ولحماية مستخدمي الطرق.. من جراء أي إهمال في عدد ساعات العمل لسائق الشاحنة.
هي وزارة النقل والإدارة العامة للمرور ووزارة العمل، هذه الجهات يجب أن تشترك برسم لائحة خاصة في هذا الخصوص.
من غير المعقول أن يبقى سائق الشاحنة يقود هذه الآلية الكبيرة المحملة بالوسائل المشتعلة أو البضائع ساعات طويلة، دون أن يوجد نظام يجبره على التوقف للراحة. حفاظاً على نفسه وعلى مستخدمي الطرق.
عشرات آلاف من الحوادث المرورية والآلاف من الوفيات والإصابات، هذا عداء الخسائر المالية الهائلة التي تتكبدها الدولة والأفراد، بسبب الحوادث المرورية التي تقع بسبب الضغط النفسي أو الإرهاق الذي يتكبده سائق الشاحنة والضحية السائق نفسه والآلاف من الأبرياء.
لنا أن نسأل: لماذا يترك سائق الشاحنة يسرح ويمرح في الطرق الرئيسية وغيرها دون حسيب أو رقيب؟.
ابتعاد التشريع المنظم لعمل سائق الشاحنة ولَّد بيئة لانتشار أنواع من المخدرات - النوع الذي يساعد على السهر لساعات طويلة - وولد مشاكل أسرية واجتماعية - وكبَّد الدولة عشرات الملايين من الخسائر المالية.. إضافة إلى ما سبق أن ذكرناه من الأخطار والأضرار المباشرة.
التشريع الذي ننتظره يجب أن يتضمن تحسين مرتبات سائقي الشاحنات سعوديين ووافدين.
ثم ضرورة إجراء فحص دوري عن المخدرات والأمراض المزمنة التي تشكل خطراً أثناء قيادة الشاحنة. وكذلك تقنين ساعات العمل.. وعدم القيادة الطويلة لساعات متواصلة.
هذه أبرز البنود التي يجب أن يحتويها التشريع المنتظر.
يجب أن نتفق أن الشاحنة وهي تسلك الطريق هي قنبلة خطرة. يجب التعامل معها بحذر وبحذر شديد. لا يجب أن تترك بيد سائق يجهل مصلحته ومصلحة وطنه ومجتمعه.
الأجهزه الحكومية هي المسئولة عن الشاحنة ومن يقودها. يجب أن تحمي الجميع من أي خطر قد يتعرضون له بسبب سوء تصرف من السائق، ولأن شبكات النقل العام غير موجودة في المملكة حالياً فإننا نرى الآلاف من الشاحنات تعبر طرقنا صبحاً ومساء.. وننتظر أن نجد من يحمينا من أي أخطار قد تحدث من هذه الشاحنات.. التي يجمع الجميع أنها قاتلة ومميتة في غالبية الحوادث المرورية التي تكون طرفاً بها.
ومع هذا فإننا نستغرب أن يبقى قائدو الشاحنات بعيدين عن أعين الرقيب المشرع وليس التنفيذي. لقد أخضعت الشاحنات إلى رقابة صارمة من الاجهزة التشريعية والرقابية. بينما السائق ما زال مهملاً وضعه النظامي وحقوقه وواجباته وما له وما عليه.