د. فاطمة المعجب ">
تفرض التحديات الراهنة للمجتمع السعودي إعادة النظر في أدوار الطالب الجامعي ومسؤولياته.. ذلك أن أهدافاً مثل: (إعداد الطالب، تدريب الطالب، تهيئة الطالب) لم تعد كافية. أصبح من الضروري أن يبدأ الطالب بممارسة دوره كمواطن نشط في عصر رقمي وهو مازال في الجامعة وليس فيما بعد. وذلك يقتضي المشاركة الفعالة في المجالات التالية:
1 - الإنتاج المعرفي: انتهى زمن النوم على المقاعد بانتظار الأستاذ ليقول ما لديه ويسجل الحضور ويمشي.. في عصر المعرفة يتحول الطالب من وعاء للمعلومات إلى عنصر نشط في توليد المعرفة ونشرها. وفي ظل التحديات المعرفية التي يشهدها العالم العربي من انخفاض النشاط البحثي وقلة المحتوى الإلكتروني العربي مقارنة باللغات الأخرى يصبح من الواجب انخراط الطلاب في الإنتاج المعرفي في كلّ مراحله.
2 - المجال العام: طلاب وطالبات الجامعات في سن الاقتراع.. (كن جزءاً من التطوير) تقول حملات التشجيع على الانتخاب في المجالس البلدية. وطلاب الجامعات بحكم فئتهم العمرية أقدر على رؤية المشكلات المزمنة بعيون جديدة وتقديم الحلول الإبداعية بأفضل مما يفعل الغارقين في روتينها اليومي. كما أنهم الأكثر إحساساً بالتحديات كونها تمسهم بشكل مباشر وتؤثر في حاضرهم ومستقبلهم.. وسواء تمت تلك المشاركة في المجال العام الحقيقي أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي فإن الجهر بالمشكلات ونقلها إلى الفضاء العام من أنجح السبل، ووحدهم الشباب يظهرون براعة في ذلك تفوق غيرهم. ومن الظلم للمجتمع أن يغرق شبابه في السلبية والتسلية جاعلين من المصلحة العامة آخر اهتماماتهم.
3 - العمل التطوعي: معدلات الإنفاق العالية على طلبة الجامعات تفقد مبرراتها إن لم يتسلح الطالب بالمهارات المطلوبة لسوق العمل وخدمة المجتمع.. والبدء بالتعرف على مؤسسات المجتمع الحكومية والأهلية والخاصة وهو مازال في الجامعة يساعده على صقل مهاراته وينمّي لديه الاتجاهات الإيجابية نحو العمل والإحساس بالمسؤولية نحو المجتمع.
يتبقى الدور على الجامعات في أن تدفع بطلابها دفعاً للقيام بهذه الأدوار الملحّة.. إنها المهمّة التي أنشئت من أجلها وليس أن تُحكم على رقابهم تلك الحلقة الضيقة من وساوس الإنذارات والحرمان وأعذار الغياب وانخفاض المعدل. مليون ونصف طالباً وطالبة هو إجمالي المقيدين في جميع مؤسسات التعليم العالي في المملكة. لو أن كل واحد منهم نشر مقالاً في الشهر وبحثاً في السنة، لو أن كل واحد منهم نفّذ ساعتي تطوع أسبوعياً، لو أن كل واحد منهم شارك بصوته وهاتفه الذكي في القضايا العامة، فكيف سيصبح حال المجتمع؟.
إن الدراسة الجامعية ليست مرحلة غرس بل مرحلة قطاف يبدأ المجتمع فيها بالإحساس بوجود أبناءه وفائدة تعليمهم. مواطن نشط في عصر رقمي هذا هو ما نحتاجه اليوم. نحتاج لأن نضع طلابنا في حالة متصل.. دائما متصل.
- جامعة شقراء