فواز العنزي ">
بات مفهوم المسؤولية الاجتماعية يكتسب زخماً واهتماما ًكبيراً في عالم منظمات الأعمال وذلك نتيجة لتراكمات وتطورات عدة جعلت هذا المفهوم يخرج من كونه يعتبر ممارسات طوعية اختيارية في تعاملها مع كافة الأطراف ذات العلاقة، إلى ممارسات إجبارية غدت تمثل مصدراً لتحقيق التميز والريادة وزيادة القدرة التنافسية.
ومن هذا المنطلق أصبحت المسؤولية الاجتماعية شعاراً ترفعه منظمات الأعمال الناجحة والرائدة، من خلال بذل الكثير من الجهود للاهتمام بهذا المفهوم، وإدماجه ضمن متطلبات أدائها، مما يستوجب إدراجه ضمن أولوياتها القصوى، وعلى كافة مستوياتها الإدارية. إذ إن المنظمة التي لا تقوم بتبني المسؤولية الاجتماعية في أعمالها، في العصر الحالي، تجد نفسها غارقة تدريجياً في دوامة من المشاكل، بل والمتناقضات التي لا حصر لها، وقد تواجه -بالتأكيد- عدم رضا أفراد المجتمع عن أنشطتها ككل.
لكنْ هناك جانب مهم من جوانب المسؤولية الاجتماعية تغفل عنه الكثير من المنظمات في إطار التزامها بهذه المسؤولية ألا وهو العاملين بالمنظمة فمن باب أولى أن تهتم المنظمة في المقام الأول بمنسوبيها، وذلك من خلال توفير الخدمات اللازمة لتحسين جودة حياة العاملين ورضاهم الوظيفي، من أجل توفير مناخ مناسب يشجع على بذل المزيد من الجهد والعطاء، وكذلك الانتماء والولاء لصالح المنظمة وإدارتها، مما سيترتب عليه تحقيق منافع وعوائد اقتصادية مباشرة وغير مباشرة حاضراً ومستقبلاً.
هنا لابد من التأكيد بأن عملية نشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية تحتاج أن نغرسها في داخل كل عامل في المنظمة، ولن يقتنع العامل بأهمية ممارسة برامج المسؤولية الاجتماعية للمنظمة ومساهمته فيها إلا إذا كان له نصيب كاف من هذه المسؤولية واستشعر أهميتها في حياته المهنية ومن ثم أهميتها في المجتمع والبيئة ولدى أصحاب المصلحة ككل.
وعلى اعتبار أن الموارد البشرية هي طرف من أصحاب المصلحة الذين تتأثر بهم المنظمة وتؤثر عليهم، فإن على المنظمة الالتزام بسلوك مسؤول تجاههم، وهذه المسؤولية لا تتوقف عند حدود التنظيمات الإدارية والتشريعات القانونية، بل تتعدى إلى أمور أخلاقية كثيرة متعددة الأبعاد، وبغرض التعرف على أهم سياسات وبرامج المسؤولية الاجتماعية.
أخيراً نقول أن الاهتمام والإنفاق على الموارد البشرية في المؤسسة استثماراً استراتجياً، تجني ثماره المنظمات في الأجلين القصير والبعيد، حيث تمثل العمالة مجالاً داخلياً من مجالات المسؤولية الاجتماعية، تلتزم المنظمة فيه.
وبالفعل بدأت بعض المنظمات في بلادنا تلتفت إلى هذا الجانب المهم من جوانب المسؤولية الاجتماعية، وبذلك نحن نمضي في الاتجاه الصحيح للمسؤولية الاجتماعية، وبمزيد من العمل وبذل الجهد من قبل الخبراء والمستشارين في هذا المجال يمكن للمنظمات أن تصل بخدماتها إلى المسؤولية الاجتماعية الكلية التي تعتمد على الاستدامة.