محمد خالد العرفج ">
لكل شيء في هذه الحياة طاقة, وهي بطبيعة الحال إحدى صور الوجود وتختلف أشكالها وأحجامها, منها ما هو ديناميكي ومنها ما هو كامن, والقوى تزداد بالتقائهما معاً فيحقق نتائج أكبر. إن كان للإنسان طاقات فهي كثيرة ولا شك, ولعل من أبرز محركات ودوافع الإنسان المشاعرية الداخلية هي الإيمان, الحب, الإرادة, الشغف.
كلمة شغف تربطنا بقصة النبي الكريم يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز, قال تعالى: {امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} أورد ابن كثير في تفسيره عن ابن عباس رضي الله في هذه الآية بقوله: الشغف الحب القاتل والشغاف حجاب القلب. وهذا هو معناه كما ورد في المعاجم العربية في معناه, فالشَّغَاف غلاف القلب، أَو سويداؤه وحبته. وجاء ترتيبه في درجات الحب الثالث يسبقه الهوى ثم الصبوة.
كل التفاعلات عن طريق حواس الإنسان أو ما توافق معها داخلياً فغالب الظن أن الشعور يفيض ويغطي القلب حتى يصبح شغوفاً به.
والسؤال المهم الآن: ما هو الشغف الذي ملأ قلبي؟ هذا السؤال حتماً ستختلف إجابته في ذهن كل من قرأه, ودليل ذلك اختلاف الاهتمامات والمهارات والمهن. فمن يحق له تعميم شغفه على بقية الخلق؟ لا أحد!
{وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} (سيضيع الكثير من الوقت والجهد في تقييم أعمال الآخرين ودوافعهم, في حين أنه من الأولى والأجدر استفتاء الذات عن دوافعها وشغفها. فكم من شخص يعمل بلا همة وإن هم فلا خلاق له, والسبب الرئيس في ذلك أنه لم يعمل فيما يحب).
من أراد معرفة شغفه فليعمل مراجعة للعادات التي يقوم بها والأفكار التي يتبناها خلال الخمس سنوات الماضية, وما هو العمل الذي يقوم به وينسى نفسه فيه, ومستعد بأن يعمل بلا مقابل لأنه يعتقد بأن قيمة هذا الأمر لا يساويه درهم ولا دينار.
يتحقق الشغف بعد العمل, الخاطرة والفكرة لا تضفي للمشاعر تلك الدرجة التي توصلها للشغف, فاعمل وتعلم وحتماً ستجد ما تحب, وبكل بساطة لو كنت تستثقل ما تفعله لدرجة أنك تسبح في بحر خيالك معظم الوقت في ذلك العمل فالأولى تركه ولا حرج!.