عبدالعزيز بن إبراهيم الخريجي ">
في خضم إيقاع الحياة المتسارع ومع كثرة الملهيات التي تشتت الفكر لدى الأفراد، والذي يساهم في تقليل التركيز لديهم لتشكيل رؤية واضحة تحقق ما يصبون إليه من الإنجازات بما يعود بالنفع على مجمعاتهم وتحقق لهم رضى ذاتي في دواخلهم، أصبحت الحاجة ملحة لاستخدام بعض الوسائل التي تساعد في التخلص من المشتتات الذهنية وتخلق رؤية واضحة المعالم تغير نمط التفكير والحياة على حد سواء.
تعرف الرؤية بأنها النتيجة النهائية التي يسعى الفرد لصنعها أو تحقيقها، أي ما يأمل الوصول إليه في فترةٍ زمنيةٍ قصيرةٍ أو متوسطة أو طويلة المدى. وكما هو معلوم، أننا مأمورين بإعمار الأرض، والإعمار يحتاج إلى وضوح الرؤية لدى الأفراد والمنظمات لإتمام عملية الإعمار واستدامتها وفهم عملية الاستخلاف في الأرض فهماً صحيحاً يحقق الآمال والتطلعات في الأعمال والأنشطة الإنسانية بشكلٍ عام. فالرؤيا الواضحة تساهم في قراءة الوضع الحالي الذي نعيش فيه، والأولويات التي ينبغي البدء بها، وإلى أين نريد أن ننتهي، وأبرز التحديات التي نواجهها، بهذا نستطيع إدراك حاضرنا واستشراف مستقبلنا، واكتشاف الطاقات الكامنة ورسم الأهداف عن طريق بناء هذه الرؤية التي تجعل الإنسان فاعلاً وقادراً على برمجة ذاته وشق طريقه. إن أهم الأدوات التي تساعد في وضوح الرؤية المستقبلية ومواجهة التحديات الآنية للأفراد والمنظمات على حد سواء هي دقة اتخاذ القرار، والإبداع في التخطيط ومهارة التنفيذ من خلال آلياتٍ ووسائل وبرامج محكمة.
يعرف اتخاذ القرار بأنه عملية يتم بموجبها اختيار بديل من عدة بدائل متوفرة بعد جمع المعلومات اللازمة لاختيار البديل المناسب، و القرارات التي تُتخذ قد تكون قرارات مصيرية ومؤثرة في حياة الفرد كقرار العمل خارج الوطن وما لها وما عليها من تداعياتٍ وآثار على الفرد وأسرته، بالمقابل هناك قرارات لا تؤثر كثيراً كقرار زيارة أحد الأصدقاء، فالقرارات تتفاوت في درجتها وخصوصاً القرارات المصيرية التي يترتب عليها تغيير مواقف وبناء حياة. وبقدر ما يكون المرء قادراً على اتخاذ القرار الصائب بقدر ما يكون نجاحه أوفر نصيباً.
لذلك القرار يجب أن يكون نابعاً من الفرد نفسه إيماناً منه بأهمية وجود رؤية واضحة تنير طريقه للمستقبل، وتوصله للهدف المنشود. ولهذا لابد أن تكون هناك آلية صحيحة وحكيمة يستخدمها المرء في اتخاذ القرارات.. قال تعالى في كتابه العزيز: يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269) سورة البقرة.
يأتي بعد ذلك الإبداع في التخطيط، وهو عبارة عن النشاط الذي ينقلك من وضعك الحالي إلى ما تطمح الوصول إليه عن طريق تصميم أعمالك ووضع برامجك.. ولكي تسهل عملية التخطيط عليك أن تطرح على نفسك الأسئلة التالية:
- ما هو وضعي الحالي؟..
- أين أريد أن أكون؟.. وما هي طموحاتي المستقبلية؟..
- كيف سأبلغ تلك المرحلة؟.. وما هي الوسائل المطلوبة؟..
من خلال الإجابة على الأسئلة السابقة في جلسة عصف ذهني تستطيع تحديد أهدافك على شكل مراحل زمنية تساعد في البدء بعملية التخطيط والوصول في نهاية المطاف إلى إتمام علمية التخطيط وبالتالي وضوح الرؤية. وفي آخر مرحلة والتي هي مرحلة التنفيذ، حيث تعتبر أنها إشارة البدء لخوض غمار السباق مع الزمن لتحقيق الرؤية التي أصحبت جاهزة نظرياً إلى المرحلة العملية، والتي هي باكورة الجهد السابق (اتخاذ القرار والتخطيط)، فمرحلة التنفيذ تحتاج إلى الخطوات التالية:
- التأكد من وجود الموارد اللازمة للتنفيذ.
- وجود جدول زمني للتنفيذ والالتزام به.
- وجود آلية للتصحيح والمرونة اللازمة للتعديل على الخطط، فإن أهم عنصر في العمل والنشاط الإنساني هو عنصر المرونة.
- تطبيق أدوات متابعة، تساعد في تقييم عملية التنفيذ بشكلٍ عام مثل بطاقة الأداء المتوازن.
وفي الختام، الكثير منا تدور أفكاره في فلك مخيلته، ولكنها ما تلبث فترة من الزمن إلا قد أفل نجمها، الأفكار لابد أن ترى النور من خلال التطبيق، وأن نسعى جاهدين لجعلها واقعاً ملموساً ينهض بالعقول والأوطان، فلا تقلل من شأن أي فكرة تدور في مخيلتك، فبداية أي نجاح تكون بفكرة بسيطة والأمثلة على ذلك كثيرة، الاختراعات والابتكارات الإنسانية كانت نواتها فكرة.