مساعد بن سعيد آل بخات ">
من منا لا يعرف الشخصية المسلمة، المصرية الأصل، الأمريكية الجنسية، العالم الكيميائي (أحمد حسن زويل)، لقد اتخذ هذا العالِم من العلم نوراً يهتدي به في حياته، وسافر إلى خارج وطنه الأصلي متجهاً إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد سلسلة من الجهد والكفاح توصل إلى اكتشاف عام 1999م لحساب سرعة التفاعلات الكيميائية باستخدام (كيمياء الفمتو ثانية) ونال على اثرها جائزة نوبل.
اللافت في الأمر أنه عندما سُئل (زويل) عن الفرق بين العرب والغرب؟ فقال: الغرب ليسوا عباقرة ونحن أغبياء، هم فقط يدعمون الفاشل حتى ينجح! ونحن نحارب الناجح حتى يفشل!!.
إن المتتبع لما يحدث منذ انطلاق فكرة (اختبار قياس) إلى وقتنا الراهن، نجد أن تطبيق هذه الفكرة انتشرت بشكلٍ واسع، ولم تكتف كما في بداياتها بطلاب وطالبات المرحلة الثانوية بعد التخرج، بل نالت من الطلاب والطالبات بعد أخذهم لوثيقة البكالوريوس، وكأن فرحة حمل وثيقة البكالوريوس ليس له معنى أو طعم حتى ينجح الطالب والطالبة في (اختبار قياس) وبناءً عليه تتحدد فرحة الوظيفة من عدمها.
وواصلت مسيرة (اختبار قياس) لتصل إلى الطلاب والطالبات الطموحين للنهل من بحر العلم في مرحلة الدراسات العليا، فمن شروط القبول أن يمر الطالب والطالبة من خلال هذه العقبة (اختبار قياس).
واختتمت مسيرة (اختبار قياس) بالموظفين والموظفات الحكوميين ممن يرغبون في ترقية وظيفية (كالمعلمين والمعلمات مثلاً)، فبعض الترقيات تتطلب دخول المرشح في (اختبار قياس).
إنني عندما أتفكر في مقولة (زويل) أجدها تنطبق علينا، فنحن بإنشاء (اختبار قياس) أوجدنا عقبة أمام الطلاب والطالبات لمواصلة تعليمهم أو لممارسة أعمالهم بعد التخرج، مما قد يؤدي (اختبار قياس) إلى تحويل مسارهم من النجاح إلى الفشل، وهذا الفشل نحن من أوجده بـ (اختبار قياس).
وعندما نتمعن في كلمة (قياس) نجد أنها تعني إعطاء قيمة رقمية فقط، إذن ما الفائدة من إعطاء قيمة رقمية للطلاب والطالبات، ومن اختبار (نظري) بعد تخرجهم من الجامعات؟ وهل نقرن اختبار يوم واحد (قياس) بجهد وتعب سنين من الدراسة؟ وإذا تحصل بعض الطلاب والطالبات على درجات متدنية في (اختبار قياس) ولم يتم قبولهم في وظائف بسبب تدني درجاتهم، فهل (اختبار قياس) سيحل مشكلاتهم لاحقاً؟ وما هي المحصلة الميدانية من دراستهم وتعبهم السابق؟ هل تكون في مهب الريح من غير فائدة؟!
إنني أكاد أُجزم بأن (اختبار قياس) لن يحل المشكلات السابقة الذكر، لأنه من تسبب في ذلك، فبما أنه يسبب لنا العقبات أكثر من أن يعطينا الحلول، فلماذا نبقيه ونحن من أوجده؟ قد يتساءل البعض فما الحل؟ الحل بسيط وهو أن نعتمد مستوى الطلاب والطالبات من خلال نتائج الدراسة الفعلية في المدارس والجامعات، والتي تُعد ثمرة سنوات طويلة.
نحن نُحسِن الظن بالله تعالى ونتفاءل بالخير كما أوصانا سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلَّم - حيث يقول: ((لا طيرة وخيرها الفأل، قيل: يا رسول الله وما هو الفأل؟ قال: الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم)).
لذا فكلنا أمل أن يعاد النظر في (اختبار قياس)، الذي أصبح هاجساً يواجه الطلاب والطالبات أكثر من صعوبة بعض المناهج الدراسية، خصوصاً عندما نعلم أن هناك كماً هائلاً من أبناء وبنات وطننا الغالي متميزين دراسيا، ولديهم طموح لخدمة الإسلام والوطن متى سُمِح لهم بذلك بدون أي عقبات.
حكمة:
عندما تُترك الأمور بدون تدخل فإنها غالباً ما تسير من سيئ إلى أسوأ.