سعد بن عبدالقادر القويعي ">
لم يكن ترأس معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المشرف العام على «حملة السكينة» - معالي الشيخ - صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ لندوة عمل، بعنوان: «تطوير حملة السكينة.. وموقعها الإلكتروني»، والتي عقدت في مقر الوزارة بالرياض - قبل أيام - سوى قاعدة خلفية لكل مشروع لإستراتيجية منهجية؛ من أجل مكافحة الإرهاب، ودعم معتبر للنهوض بمشروع وطني كبير يوجّه طريقها مستقبلا في تحديد أولوياتها ، والتحديات التي تواجهها، وتعميق الوسطية بكل قيمها النبيلة؛ للتصدي لظاهرة التطرف، والإرهاب في المجتمع، والتي يحملها البعض جهلاً، وربما اختطافاً لثوابت الإسلام، وتعاليمه السمحة - وسطية وتسامحاً واعتدالاً -.
في السياق العام، فقد جاء تأكيد معاليه على المشاركين في الندوة بضرورة، وأهمية البحث عن آليات جديدة ؛ لتطوير أداء الحملة في مواجهة التطرف، ومواجهة الإرهاب، ومواجهة الضلال، - خصوصا - في ظل ما تعيشه المنطقة - اليوم - من مرحلة مفصلية، ودقيقة تحكمها أوضاع سياسية متوترة، وتحديات أمنية جسيمة، وصعوبات اقتصادية متنامية - محليا ودوليا - ؛ الأمر الذي يجعلنا نؤكد على طرح سؤالين أساسيين، أحدهما : سؤال التأسيس، وهو المعني بالأسباب التي يُتعلل بها لظهور الإرهاب، وانتشاره، والآخر: سؤال المواجهة، وهو ما يتعلق بآلية المواجهة المحتملة.
إن التنامي غير المسبوق لظاهرة الإرهاب، وحركات التطرف، وشبكات الجريمة المنظمة، والذي يُعد تحديا مشتركا بين كافة الدول العربية، والإسلامية يستدعي مزيدا من التقارب، وتنسيق الجهود - إقليميا ودوليا -. كما يستدعي دوراً أكبر في تبني ثقافة حوار معتدل قائم على الثوابت، يبدأ من مناقشة غياب قيم التسامح، والحوار، واحترام المغايرة، وينتهي بغياب العقلانية، ورسوخ أقدام الجهل، والخرافة .
على كل إستراتيجية متماسكة البناء، أن يكون وراء كل منطلق هدف ، ووراء كل هدف آلية، ومن ثم تحويل كل تلك المنطلقات، والأهداف إلى واقع منشود، وذلك من خلال الشق المنهجي، والفكري، - وكذلك - الآليات في مواجهة الشق التنفيذي من الإستراتيجية عبر تعزيز مبدأ الوسطية، والاعتدال في معالجة ظاهرة الإرهاب، وتنمية الوعي الوطني العام ، وتكريس حب الوطن، وأهمية الانتماء إليه بين شرائح المجتمع.
باسم الدين، فإننا ندين الإرهاب، والإسلام برئ منه. وبصرف النظر عن أي ذريعة يسوقها الإرهابيون تبريراً لأعمالهم ، فإن الإرهاب لا مبرر له ؛ ولأن الإرهاب أصبح ظاهرة عالمية، أي : أنها لا ترتبط بمنطقة، أو ثقافة، أو مجتمع، أو جماعات دينية، أو عرقية معينة، بل ترتبط بعوامل سياسية، وثقافية، واجتماعية، وتقنية أفرزتها التطورات السريعة، والمتلاحقة في العصر الحديث ؛ فأفرزت - مع الأسف - الشحن الإيديولوجي، وأذكت الصراعات المذهبية، والتناقضات الطائفية المقيتة ؛ فقد حان الوقت للتركيز على الظواهر المتعددة للتطرف الأيديولوجي، والذي وُجد مبرره في تحول هذا التطرف - في العقود الأخيرة - إلى إرهاب عابر للقارات ، وضرورة معالجة العوامل التي وفرت أرضية خصبة لازدهار الإرهاب ؛ بغرض الإسهام في القضاء على الإرهاب .