حسن اليمني ">
الإرهاب بمعنى الكلمة هو التخويف بالعمل الإجرامي الذي لا يتقيد بقيود أو شروط، وإنما يتم بفعل الرغبة في التخويف وإثارة الرعب لدى الإنسان، أما بالمعنى السياسي فهو عمل إجرامي يقوم به فرد أو أفراد من العرب والمسلمين.
الإرهاب الإرهاب الإرهاب، لماذا لا نسمع هذا إلا حين يكون الفاعل منتمياً للعالم العربي والإسلامي، أليس الإرهاب عملاً إجرامياً مرفوضاً من قبل الإنسان السوي أيما كان أصله وجنسه ولونه ودينه؟ هل يشترط أن يكون الإرهاب بالغدر والتفجير ولا ينطبق على القتل والتدمير بالصواريخ والطائرات والبراميل المتفجرة على رؤوس الأبرياء؟ ثم هل كل إرهاب هو جرم ومدان؟ أليس تملك القنابل الذرية والنيتروجينية هو إرهاب للخصوم؟ أليس إعداد الجيوش وتهيئتها للذود عن الأوطان يدخل ضمن المعنى الواسع لإرهاب العدو؟ بلى لكن هذا بالمعنى اللغوي أما بالمعنى السياسي فهو كما أسلفت سابقاً، بيد أن مكتب الشرطة الأوروبية (يور بول) كشف عن بطلان الادعاء السائد على نطاق واسع في الغرب بأن الإرهاب مرتبط بالإسلام، وبيَّن أن 99.6 من المتورطين بالأعمال الإرهابية هم من الجماعات اليسارية والانفصالية في أوروبا، هذه الدراسة ليست من مصدر عربي أو إسلامي بل من مكتب الشرطة الأوروبية والتي أكدت أن نسب المتورطين بالأعمال الإرهابية من العرب والمسلمين في انخفاض مستمر برغم نسبته الضئيلة أصلاً.
بشكل عام وبموضوعية دون تحيّز أو مداراة فإن مصطلح الإرهاب يتناسب أيضاً مع ما تقوم به دول كأمريكا وروسيا ضد دول أخرى لا تمتلك أي مقومات للدفاع، مثل أفغانستان والعراق وسوريا وباكستان وإلى آخره، كذلك ما يمارسه كيان الاحتلال الصهيوني في الشعب الفلسطيني الأعزل، لكن إرهاب الدول فيما يبدو فوق القانون وإن عسفت قرارات الأمم المتحدة لتشريعه أو تغليفه بالمشروعية المزورة، كما أن الأعمال الإجرامية التي يقوم بها يساريون ويمينيون وانفصاليون أوروبيون وأن أسقط وصف الإرهاب عليه إلا أنه لا يحظى بالتغطية الإعلامية والإخبارية بأكثر من أنه عمل طبيعي له مبرراته، في حين أن أي عمل إجرامي يقوم به عربي أو مسلم تقف له أجهزة الإعلام على قدم وساق ويتصدر نشرات الأخبار ولا يكتفى بهذا بل يساق بعض المأزومين من العرب والمسلمين ليقطّعوا ويشرحوا في التاريخ والثقافة والدين والعرب والمسلمين بكل ما أوتوا من فصاحة بل والتجرئ على اتهام بعض الدول العربية والإسلامية بأنها ترعى الإرهاب وأنها مصدر له وتموله، وهو ما يتم تسويقه بشكل عدائي واضح، لا بل إنه وحتى بعض وسائل الإعلام المحلية العربية وبعض كتابها ومن يتلبس الفكر الليبرالي أو العلماني لا يتوانون في اتهام الفكر والمنهج والمناهج والدعاة والمتدينين بالميل للإرهاب وتغذيته والخوض في السلوك التربوي والمناهج التعليمية، وحتى وصل الأمر إلى إسقاط الاتهام بأثر رجعي على أعلام تاريخية مضت منذ مئات السنين إلى بارئها.
لابد من وقفة صريحة عربية وإسلامية سياسة وإعلامية لوقف هذا الابتذال الممل لمصطلح الإرهاب، ولا بد من مواجهة الإعلام الغربي والشرقي وساسته هنا وهناك لوقف هذا الاعتداء المؤذي، وإن كان يتم عبر وسائل القوة الناعمة بما فيها الخدع اللفظية، فما تعرضنا له من شر هذا الإرهاب يفوق بكثير ما تعرض له الشرق والغرب، وإن كان ثمّة خوف من الإسلام السياسي فقد ظهر في تركيا وارتقى بها من المديونية إلى دائنة للصندوق الدولي واحد المتقدمين صناعياً واقتصادياً وحتى ديمقراطياً، وليس هذا وحسب بل سبقتها ماليزيا بنمو وتطور في كل المجالات، وها هو اليوم في المملكة المغربية يبلو بلاء حسناً ويرمم ما أفسدته حكومات اليمين واليسار المتخبطة، ثم إن المملكة العربية السعودية التي نشأت وقامت على دعوة التجديد والتوحيد وبنت وطناً يُفتخر به اليوم بين الأوطان تحكم بالشريعة الإسلامية. فإلى متى تنحني الهامات أمام كل عمل جبان خارج عن فئات هي شر على أوطانها قبل غيرها.
إننا نرفض تماماً الإيماءة والإشارة إلى الإسلام أو العروبة والأوطان العربية والإسلامية بما في ذلك مناهجها ودعاتها وإعلامها بالإرهاب في كل عمل إرهابي يتم في هذا العالم. وإننا نرى ونشاهد جيوش الشرق والغرب في عقر دارنا ونحمل على أكتافنا الأطفال والنساء والشيوخ من تحت الأنقاض كل ساعة وليس كل يوم، وكنا ننادي منذ سبعين عاماً بحل عادل ومنصف للقضية الفلسطينية فإذا بالعراق وسوريا تلحق بها دون أن يظهر لما يسمى هيئة الأمم غير إبداء القلق والدعوات إلى ضبط النفس في تصوير مدقع في الغباء للمشهد بين الجلاد والضحية.