إبراهيم الطاسان ">
تنبعث من تحركات وهرولة زعماء الحوثيين وعلي صالح على إثر الانتصارات المتوالية للشرعية، نحو التشاور روائح أمرين. الأول: أنهم شعروا بالهزيمة، وإن كابروا بعدم إعلانها قبل أن يضمنوا لأنفسهم ما يتصورون أنه يحفظ لهم ماء الوجه. وهذا الخيار منطقى يقبل ممن ينازلك بأخلاق الفرسان. الفارس المتحلي بشهامة الرجال يناول منافسه سيفاً إذا ثلم أو سقط سيفه. وهذه أخلاق نأت بعيداً عن أخلاق الحوثيين وحليفهم علي عبد الله صالح. فلم يملكوا من أخلاق الفرسان شيئاً يُذكر لهم ولو على هوامش الأخلاق. فلم يواجهوا منافسيهم بالميادين، إنما وجهوا كل جهدهم الحربي نحو قتل الأنفس البريئة من النساء والشيوخ والأطفال والمرضى في مصحاتهم. وتدمير كل شيء فيه سبب من أسباب الحياة الكريمة ومنعوا عنهم أسباب الحياة من غذاء ودواء. ولإدراكهم أن فعلهم سينالهم منه مثله إن أعلنوا استسلامهم وإقرارهم بالهزيمة دون تحقيق حصولهم على الأمر الثاني: وهو حصانتهم من الملاحقة القضائية، وهو أمر يجب محاذرة الوقوع فيه، فمجرد الوعد به سيطيح بأمن واستقرار اليمن كله. فجرائم الحوثي وحليفه علي صالح تجاوزت إلى حياة الإنسان البريء فطالت كل قبيلة يمنية، وللدم ولاية شرعية لأهله، لا تسقطها مؤتمرات تتفق على إسقاطها، ولا حكومات تستهدف دمل الجراح، قد تخبو حيناً من الزمن نعرات الثأر في ظل ظروف حتى تحين ظروف مواتية، ما لم ينكأ الدم بالدم. لذا كله ومن أجل استقرار اليمن، ودفن أسباب الفتنة والاقتتال، يجب ألا يُعطى للحوثيين وحليفهم علي صالح أمل بالحصانة من الوفاء بحق الدم وإنفاذ حكم الله فيهم. ولأن ولاية الدم طالت جغرافياً اليمن كله، فلا يتصور أن يعفو أولياء دم في تعز مثلاً كاف ليسقط حق أداء الدم عن القتلة من كل القبائل والأسر اليمنية، الحوثيون وحليفهم استهدفوا الأرواح البريئة عمداً بتوجيه مقذوفاتهم على المساكن والمساجد والمدارس والمستشفيات وصوبوا رصاص قناصيهم نحو صدور النساء والأطفال والعزل، وشرعاً يقتل الجماعة بالواحد. فإن لم تدفن الفتنة بالقصاص من كل ممن أمر ونفذ. فستبعث بين اليمنيين وتطيح بأمن واستقرار اليمن وإن أرمت عظامها.