صغيرة أكبر من الإعاقة ">
يكاد يكون مفهوم الإعاقة معروف لدى الغالبية منا! وكيف يكون المعاق، لكن بقليل من الرعاية والإنصاف قد يختلف التعريف عما ترسخ في الأذهان، فقد تكون الإعاقة جسدية فقط بينما الإعاقة الفعلية هي في عجز الإرادة و فقد القدرة على التحدي وإثبات الذات، و من هنا قد نصل إلى التعريف الحقيقي للإعاقة، وهذا ليس كلاما - إنشائيا وحسب، بل إن الواقع يؤكده وبما لا يدع مجالا للشك.
فهذه طفلة في عمر الزهور ابصرت الدنيا بلا أصابع في اليدين والقدمين، لكنها رفضت الاستسلام وأرادت أن تؤكد أنها تملك إرادة فولاذية وأن إعاقتها شكلية ولن تعيقها عن ممارسة الحياة.
غصنٌ صغير من شجرة مثمرة كبيرة ـ طرحت طفلة معاقة منذ صغرها هذه الطفلة في عمر الورد، نبتت وترعرعت في الروضة ثم في التمهيدي براءتها في وجهها وحركتها رائعة العينين والشعر حباها الله بجمال رباني قلما تجده في الأصحاء سبحان من خلقها وكونها!!
ولدت هذه الطفلة بإعاقة في الأطراف وعجز طفيف في العقل أدى إلى عدم سلامة النطق بصورة صحيحة.
إعاقتها كانت واضحة جلية، ولكن معلمتها جعلت منها أنموذجا يحتذى به، من قِبل أقرانها، حاولت معها معلمتها حتى جعلت منها طفلة تستطيع مسك المرسام والألوان رغم الإعاقة وتكتب بكلتا يديها وبطريقة عجيبة فريدة من نوعها.
لم يستطع أحد أن يتفاهم معها أو حتى ينطقها ولكنها رغم صعوبة التعامل معها أجبرتها معلمتها بعض أن أفهمتها قوانين الروضة وقد سيطرت عليها فكانت تنفذ كل ما يطلب منها حتى أنها أصبحت كالحمل الوديع أو القطة الأليفة، حتى أنه أصبح من تصرفاتها تحتضن معلمتها كل صباح وإذا نسيت قبلتها لمعلمتها بعد الظهر تعود من الساحة لتحتضنها وتتعلق برقبتها، يا لها من مشاعر حانية من هذه الطفلة.
الجميع في الروضة دهشن للنتائج ولكنهن طلبن إثبات. وبعد تفكير بسيط ألهم الله معلمتها أن تسجل صوتها وهي تردد بعض الآيات والأناشيد التي اختزنتها في عقلها الباطن الذي شحذته حتى ظهر بما يناسب عمر الطفلة التي تجاوزت الأعوام التسعة. الكل أخبر أن هذه الكلمات والرسومات ليست من صنع بنان الطفلة. حتى أرتهم المعلمة وعلى مرأى من الجميع بأن هذه الطفلة تستطيع أن تجتاز مرحلة التمهيدي وتفوز بلقب طالبة الصف الأول الابتدائي. وقد كان مجهود على مدار سنتين قضتها في مرحلة التمهيدي.
ما رأيكم بعد هذه القصة. هل الإعاقة الجسدية أقوى أم إعاقة الإرادة هي الأقوى. أحب أن أنوه هنا أن الإع اقة ومن وجهة نظري إعاقة العقل والفكر والإحباط وعدم الهمة. وليست إعاقة جسد أو أطراف.