مفهوم القوى الناعمة صاغه جوزيف ناي من جامعة هارفارد لوصف القدرة على الجذب والضم دون الإكراه أو استخدام القوة كوسيلة للإقناع، ومن هذا المنطلق كان الحضور والتأثير للجمعيات والمؤسسات والمنظمات الخيرية الخليجية عامة والسعودية على وجه الخصوص مميزاً على مستوى العالم وخصوصاً في أفريقيا وآسيا ودول الأقليات وساهمت تلكم المؤسسات الخيرية في كسب الولاء والتعاطف ورسم الصورة الذهنية المميزة لبلاد الحرمين الشريفين وحكومتها وأهلها ولبلاد الخليج عامة، وكان لهذه المؤسسات الدعوية والخيرية (السعودية والخليجية) دور فاعل في إغاثة المسلمين ونشر الدعوة الإسلامية وتحصين المسلمين من الانسياق وراء الحملات التبشيرية المتتابعة التي تستغل الثالوث الخطير (الجوع- الفقر- المرض) للوصول إلى المدعوين في شتى أقطار العالم، وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (الإرهابية) التي ما زال سرها غامضاً لم تتضح معالمه حتى اليوم! عانت المؤسسات الخيرية الخليجية من سياسة التجفيف والإقصاء والاتهام غير المبرر (بالإرهاب) الذي ثبت عبر القضاء الدولي بطلانه! ومع ذلك نجد أن المجال يفسح دولياً للجمعيات والمؤسسات التبشيرية والصفوية التي اكتسحت بلدان العالم وبلاد الأقليات على وجه الخصوص سعياً في تغيير هويتها ونشر باطلهم وضلالهم!
مما يستدعي ضرورة توجه بلدان الخليج كافة وبلاد الحرمين الشريفين خاصة بقيادة ملك الحزم سلمان بن عبدالعزيز -وفقه الله- إلى إعادة نشاط المؤسسات والمنظمات والجمعيات الخيرية والدعوية وإفساح المجال لها لمزاولة نشاطها الخيري والدعوي مع إخضاع حساباتها للمتابعة والتدقيق تحقيقاً لمبدأ الشفافية وحماية لها من الاختراق أو الاتهام في قضايا (الإرهاب) في نشاطاتها الخيرية والدعوية وتمكينها من العمل في الخارج أسوة بالمنظمات والمؤسسات الخيرية الإنسانية الغربية التي تكتسح بلدان العالم وتقدم خدماتها شرقاً وغرباً بكامل الحرية دون أدنى قيود! وبحسب موقع National Philanthropic Trust في شهر مايو من عام 2015 بلغ عدد المنظمات الخيرية في الولايات المتحدة أكثر من 1.521.052 منظمة خيرية، كما بلغ إجمالي إيرادات الجمعيات الخيرية العامة في عام 2012م أكثر من 65.1 تريليون دولار، وإجمالي عدد المصروفات بلغ أكثر من 57.1 تريليون دولار، وإجمالي أصولها تجاوز 3 تريليونات دولار، ووصلت خدمات مؤسسة بيل ومليندا غيتس الخيرية
(وحدها) إلى أكثر من 100 دولة في العالم.
وبالتالي فإن إفساح المجال للتوسع في تأسيس مزيد من المؤسسات الدعوية والخيرية التي تخدم نشر الدعوة الإسلامية وإغاثة إخواننا المسلمين في شتى أقطار العالم -الذين اصبحوا فريسة للتبشير والتشيع نتيجة للتضييق المفروض على العمل الدعوي الخارجي- يمثل قوة ناعمة للدولة تحقق جملة من أهدافها الإستراتيجية في العاجل والآجل.
د. خالد بن هدوب المهيدب - نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للدراسات الدعوية