الرقية الشرعية
* هل تُمنع الرقية الشرعية إذا كان المرض لا بد له من التدخل الجراحي، كأن يكون التدخل لاستخراج الحصاة وغيرها من جوف البدن، أو أن تكون الرقية الشرعية للمكسور أو من به فتق فاحتاج إلى خياطة، وغيرها مما يحتاج إلى تدخل محسوس؟
- الرقية جاءت بها النصوص، وهي سبب شرعي معتبر له أثره العجيب، لا سيما إذا كان الراقي من أهل الخير والفضل والصلاح والعلم، فلا شك أن لها أثرًا كبيرًا، ولها أثرٌ حتى في الأمور المحسوسة، والنص في السؤال يقول: (كأن يكون التدخل لاستخراج الحصاة)، أذكر مسألة واقعة لامرأة كبيرة في السن قُرِّرَ لها عملية لاستخراج حصاة من المرارة أو من الكلية -نسيت الآن-، فطلبت الخروج من المستشفى للاستخارة، فأخذت كأسًا من ماء زمزم، فقرأت فيه سورة الفاتحة والمعوذتين، فشربته فخرجت الحصاة، ثم رجعت إلى المستشفى وأُجري لها تحليل فقيل لها: الحصاة ليست موجودة، فماذا صنعتِ؟ قالت: قرأت القرآن في ماء زمزم. والقرآن لو أنزل على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله، فالجبل يخشع ويتصدع بسبب القرآن، فتأثيره في هذه الحصاة الصغيرة أمر لا شك أنه واقع، وقد وقع، فلا ييأس الإنسان، بل الأصل أن يرقي نفسه كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يفعل [البخاري: 5748]، وأيضًا لا مانع من فعل الأسباب المحسوسة، فيتضافر هذا وهذا، والكل -إن شاء الله- فيه خير، فيجمع بينهما ولا مانع.
ومن العامة من يرى أنه لا أثر للرقية مع العلاج المحسوس، وهذا الكلام ليس بصحيح، نعم قد يتأخر تأثير الرقية إذا اعتمد اعتمادًا كليًا على الطبيب أو على العلاج، وارتبط به ارتباطًا ونسي المسبِب، فقد لا يتأثر بالرقية كما هو مجرب ومشاهد، والرقية أيضًا لا شك أنها سبب من الأسباب، قد يترتب عليها أثرها لانتفاء المانع، وقد لا يترتب عليها أثرها لوجود المانع.
النوافل المطلقة
* هل يصح تغيير نية النافلة المطلقة إلى الوتر؟
- لا شك أن النوافل المطلقة هي دون النوافل المقيدة المعينة، فالنوافل المعينة تحتاج إلى نية تُميزها، لكن جاء في الحديث الحث على الصلاة من الليل مثنى مثنى بإطلاق من غير تقييد «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى» [البخاري: 990]، فلو شرع في صلاة في آخر الليل على أنه يصلي ركعتين كالتسليمات السابقة امتثالاً لحديث «صلاة الليل مثنى مثنى»، ثم نظر في الساعة أو غلب على ظنه أنه لا يكمل الركعتين ثم يوتر بعدها، فجعلها وتراً ركعة واحدة شمله قوله
-عليه الصلاة والسلام-: «إذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى»، وحينئذ لا مانع من ذلك إن شاء الله تعالى، سواء كانت هي الثالثة أو أنه أنقص الثنتين إلى واحدة، فلو كان يريد أن يوتر مثلاً بخمس ركعات، فخشي طلوع الصبح فاقتصر على ثلاث، أو أراد أن يصلي ثنتين كسوابقها وهو يصلي من الليل مثنى مثنى فقال: إذا صليت الثنتين أذن الفجر وفات وقت الوتر -لأنه إذا طلع الصبح انتهى وقت الوتر- فاقتصر على واحدة، فيشمله قوله -عليه الصلاة والسلام-: «صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى».
يجيب عنها - معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - معالي الشيخ عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء