حوار بريء ">
ذات يوم وانا اقلب ما في جعبة جوالي من اخبار ومعلومات وفكاهة، قاعد على كرسيي الوثير، اقتربت مني ابنتي الصغيرة ذات السبع ربيعا والتي لا تعلو قامتها واقفة كتفي المائل للأمام. امسكت بكمي كما تفعل عادة لجذب انتباهي عن هذا الجهاز الغريب الذي سرقنا من الحياة بحجة وضعك برحمها. رددت وعيناي لا تزالان بتلك الشاشة الساحرة: ماذا تريدين يا حلوتي؟ قالت بصوتها البريء:
انا لا احب الله!! التفت اليها وقد ارتفع كلا من حاجبي وفرغت عيني على اتساعها واستدارت شفتي وسقط الجوال من يدي دون أن اكترث محدثا صوتا رنانا على الرخام وكان الصوت الوحيد خلال ثوان استمرت دون أن ينبس حرف مني او منها. قلت لنفسي لعلي اسبح في عالم الخيال فطرحت السؤال وقلبي وجل: ماذا قلتِ!! ردت مصرة: لا احب الله ثم زمت شفتاها حتى برزت الشفاه السفلى للخارج وقد جمعت ساعداها امامها. اخذ قلبي يدق بعنف وخشيت أن تبتلعني الارض وهمس لي شيطاني أن الطمها لكني تماسكت خاصة ملاكي الذي خطر لي أنها لا تزال صغيرة, فقلت لها صوت كابدت ليبدو هادئا:
و لما لا تحبيه؟
فقالت وهي اكثر إصرار: إنه يريد عذابنا هناك نار وحراس عليها بسلاسل غلاظ ويجلدونا بالسياط وعقارب وافاعي يقارب حجمها الجمال تلدغنا وتنهشنا ونأكل الزقوم وهو اكل مر وكريه لا كما تطبخ ماما ولن اراك هناك ولا أي من إخواتي.
تسألت وكيف عرفت الزقوم والافاعي والعقارب؟
فردت بعفوية: أبلة «نون» قالت لنا اليوم كل هذا واكثر ونسيت الباقي.
تنهدت كثيرا حتى هدأت نفسي تماما ثم قلت لها وقد احتضنتها ووضعتها في حجري بحنان وقدمي وطئت الجوال دون اهتمام:
الم تقل لك إن هناك جنة اكبر من مدرستكم بكثير؟ بل واكبر من مدينتنا؟ فهزت رأسها نافية ثم قالت: هل هي اكبر من تركيا! تذكرت هنا أننا كنا هناك منذ شهرين فأومأت موافقا وقلت:
بل واكبر من الدنيا كلها وبها أشجار جميلة وازهار يافعة وحدائق غناء وعصافير وغزلان وو وو و. قاطعتني: وماذا عن النار؟
رددت: تلك لمن يؤذي الأطفال الصغار مثلك، الجنة بها انهار من عسل ألذ من ألذ حلوى أكلتها في حياتك.
ألذ من حلوى تركيا؟
ألذ.
ألذ من الشكولاتة التي تجلبها خالتي من امريكا؟
ألذ بكثير, ألذ من ألذ أي شيء أكلته في حياتك. شيئا فشيئا بدأت شفتاها ترتخي حتى لاحت ابتسامة ثم كبرت حتى بانت الأسنان الأمامية وعلقت: وهل انت وماما تكونون معنا؟
قلت أجل بإذن الله وشفاعة الحبيب محمد, سنكون معا جميعنا. صفقت فرحة بيديها الصغيرتين واحتضنت عنقي حتى تلامست اصابعها ثم قالت فرحة إذن أنا أحب الله
فرددت وهو يحبك فأنتم من أحب أحبابه.
- علي محمد الماجد