عثمان بن حمد أبا الخيل ">
في مجتمعنا وفي كل تفاصيل الحياة، في البيت والمدرسة والجامعة والمؤسسات والوزرات والنادي الرياضي والثقافي والقطاع الخاص والشركات العائلية والفردية ولك أن تضيف المزيد، هناك من يُسمون عظاميين لكنهم لا يكرهون هذه التسمية. والعظامي هو ذلك الإنسان الذي يفتخر بآبائه وأجداده، هو الإنسان الذي يصل القمة على أكتاف الآخرين، هو الإنسان الذي يأخذ ولا يعطي، هو الإنسان الذي ينسب نجاحه إلى نفسه متنكراً لمن وقفوا معه، هو الإنسان الذي تقلد وظيفة مرموقة على أكتاف زملائه، هو الإنسان الذي أصبح شاعراً وهو ليس بشاعر، وهو الإنسان الروائي الذي أصبح مشهوراً وهو لا يعرف معني الرواية، هو الزوج الذي بنى عزته وشهرته ومكانته الاجتماعية على اكتاف زوجته، هذا هو الإنسان العِظامي، وهو بالعكس مضاد للإنسان العصامي. بين الفترة والأخرى وفي وسائل الإعلام وبكافة أنواعها نسمع ونقرأ عن أولئك العظاميين الذين ينسبون نجاحهم لأنفسهم، يا له من تنكر لمن وقفوا معهم! يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من لا يشكر الناس لا يشكر الله).
الإنسان العظامي كيف يرى نفسه حين يجلس وحيداً، هل يشعر بتأنيب الضمير لمن سلبهم حقهم أم تراه منغمراً ومنغمساً في عرشة العنكبوتي؟! وهل تراه يعود لصوابه وطريقه الصحيح ويعطي كل ذي حق حقه أم أنه فوات الأوان، وما أكثر الذين يفوتون الفرص في حياتهم. هل صحيح هذا المثل ينطبق على العظاميين (من هان مدخاله هان مخراجه)، أحقاً هذا هين أم أنه يمثل أم ماذا؟.
ومن الأمثلة العالمية لأشخاص رفضوا أن يكونوا عظاميين وبنوا أنفسهم بأنفسهم الكاتب الروائي الإنجليزي الشهير شكسبير، فقد وُلد من أب جزار مفلس وأم جاهلة لا تعرف القراءة ولا الكتابة...
وأبراهام لنكولن محرر العبيد وأحد رؤساء أمريكا فقد كان والده ووالدته هو الآخر فقيرين لا يجدان قوت يومهما.. وكانا يعيشان في كوخ صغير حقير... وعالم الطبيعة ميشيل فارادي شهد النور في إسطبل لأب حداد مريض.
فلماذا ترتقي على أكتاف الآخرين أيها الإنسان صاحب الوجوه المتعددة.
الأشخاص الذين يساعدون العظاميين ويجعلونهم في القمة ما هو شعورهم وهم يرون غيرهم مكانهم، ما الذي دفعهم لذلك، أهو المال أم الوعود المزيفة والكلام المعسول أم أنهم لا يريدون ذلك، ومن لا يريد ذلك إذا كان يستحق ذلك. أم تراهم يتوقعون رد الجميل يوماً أم نكرانه، وهل الأقرب للواقع. أين هؤلاء العظاميين من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللهِ فَأعِيذُوهُ، وَمَنْ سَأَلَ بِاللهِ فأَعْطُوهُ، وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ، وَمَنْ صَنَعَ إلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإنْ لَمْ تَجِدُوا ما تُكَافِئُونَهُ بِهِ، فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَد كَافَأْتُمُوهُ)).
الوجاهة أيها الإنسان العظامي ليست الارتقاء لمكانة لست أهلاً لها، أو منصب لست كفواً له. الوجاهة أن تكون ذُا مَكَانَةٍ، قُوَّةٍ، مَرْتَبَةٍ بين الناس. الوجاهة لا تُطلب أيها المسكين، أنها تُمنح من المجتمع، والسمعة الحسنة ومساعدة الآخرين. لا تتمادي في الطريق الوعر، فيوماً ما تذهب الغيوم الممطرة بعيداً وتزرق السماء ويعرف من خلفك أيها العظامي.
وختاماً تلفتوا إلى من حولكم فالأمثلة كثيرة والعظاميون يدسون رؤوسهم أحياناً كثيرة في المواقف المحرجة، فهم لا يعرفون ماذا يقولون، ويهربون في الأوقات الصعبة لكنهم يجاهرون بأنهم أناس عصاميون، وهل الإنسان العصامي يرتقي على أكتاف الآخرين أم ولد وبيده ملعقة من ذهب؟
وتقول العرب: أعصامي أنت أم عظامي؟ أي أمعتمد أنت على نفسك، أم تفتخر بأعمال آبائك الذين أصبحوا عظاماً؟