محمد بن إبراهيم فايع ">
ليس هناك من هو أكثر تأثيراً في حياة الطالب من «المعلم»، حتى الوالدين لن يكونا بذات التأثير على طفلهما، بنفس الدور الذي قد يلعبه المعلم في التأثير الإيجابي أو السلبي في شخصية تلميذه، لأن الطفل «الطالب» يرى في التصاقه اليومي في المدرسة بمن يعلّمه كيف يقرأ، وكيف يكتب، وكيف تقدم له المعرفة، أن معلّمه هو «الصح» والباقون هم «الخطأ» وهو الذي يفهم أكثر من الجميع، من هنا تكون التربية بالقدوة غاية في الأهمية، فالمعلم من منطلق هذ العلاقة مع طلابه سيكون أثره عظيما الذي سيتركه في طلابه، وهو يرى تعلّقهم به، وقناعتهم بما يقوله، ويفعله، ودعوني استوقفكم عند مقولة عتبة بن أبي سفيان لمؤدب ولده: «ليكن أول إصلاحك لولدي إصلاحك لنفسك؛ فإن عيونهم معقودة بك؛ فالحسن عندهم ما صنعتَ، والقبيح عندهم ما تركت». هذا كلام عظيم، ووصية يجب أن تكتب بماء الذهب، وأن يعلّقها كل مدير مدرسة في غرفته، فالطلاب يرون أن قدوتهم هو (معلمهم) لهذا يجب أن يكون المعلم على قدر من المسئولية، من الوعي، من الالتزام بأدبيات الرسالة التربوية والتعليمة، على قدر كبير من الانضباط، والتقدير والاحترام لمهنته، الالتزام بجمال هندامه، القدرة على ضبط سلوكياته وتصرفاته، فقدره أن يكون أحد حملة رسالة التعليم ، ومن منسوبي ميدان التربية، وهو شرف كبير، وهنيئا لمن وجد أنه في بلاط وميدان أشرف الرسالات «التربية والتعليم» أولا: لأنه يتعامل مع بشر، وليسوا آلات، مع طلاب سيكبرون، وهم الاستثمار الأمثل له، وللوطن، ولوالديهم في دنياهم وأخراهم، ولدينهم قبل كل هذا، ولأنفسهم فهم أما أنّ يتخرجوا من المدرسة نافعين، أو غير ذلك لاقدّر الله، وكم دعوة في الصغر من طالب صغير لمعلم علمه علما ينتفع به في حياته، أو دعوة دعا بها حينما يكبر وهو يتذكر من كان له الفضل بعد الله فيما وصل إليه من معلميه، وثانيا: فحينما يقرأ ما ورد عن الرسول صلوات ربي وسلامه عليه «إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةُ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتُ فِي الْبَحْرِ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ « أو بعد هذا من فضل ؟ لهذا كم يحّز في خاطري حينما أرى معلما يأتي بتصرف مشين، لايليق به، وبمهنته، وهو يعلم كل العلم بأن هناك أعينا ترقبه، وستقلّده إن خيرا أو شرا من طلابه، وسيستنكرون ما يقوم به ولسان حالهم:-
«يا أيها الرجل المعلّم غيره .. هلاّ لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى .. كيما يصح به وأنت سقيم.
كما أنّ المجتمع الذي آتمنه على أولاده، هم -كذلك- يراقبونه، وهم شركاء اليوم في تقويمه، وتقويم أداء المدرسة، ومدى نجاحها في وظيفتها، ولن يقبل المجتمع أن يرى المعلم في وضع يسيء لرسالته كمرب لأجيال، لخطورة أن يصدم الطلاب إذا ما رأوا معلمهم -على سبيل المثال- يدخّن السيجارة عند باب المدرسة، أو رأوه في مكان عام «يدخن «الشيشة « طبعا أنا لا أعمّم، ولن أسحب مشهدا كهذا على كل المعلمين، لكن ما أعنيه بأن المعلم يجب أن تبقى صورته نقية، صافية، جميلة، بهيّة، فقديما كان المعلم هو المرشد، وهو المؤطر لأنشطة المجتمع وليست المدرسة وحدها، وكان يحظى بحضور كبير، لكونه المؤتمن على القيم الأخلاقية التي يراد غرسها في نفوس الناشئة، ولهذا يجب أن ترعى مبادئ وأخلاقيات هذه المهنة الرسالة، وصدقوني -في الختم- أن تعليمنا مالم يتم الاهتمام بالمعلم اختيارا، وإعدادا، وتأهيلا، وتدريبا، وتقويما، فمهما بذلت الجهود لإيجاد بيئة مدرسية، وتوفير وسائل وتقنية حديثة وتجهيزات، فكلها لن تجدي في ظل وجود «معلم متهاون، أو مقصّر، أو ضعيف الأداء « ولدي أمل وتفاؤل كبير بالجهود التي تنفذ الآن في وزير يعيش التعليم، أن تعليمنا يخطو نحو أهداف وطموحات المسئولين عنه باقتدار .