سلطان بن سلمان: نُقدِّر دور المليك في العمل لإعادة الاعتبار لتراثنا الوطني ">
بريدة - عبد الرحمن التويجري / تصوير - سيد خالد:
رعى صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز، أمير منطقة القصيم، رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة بحضور صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، مساء أمس الأول الاثنين في مركز الملك خالد الحضاري ببريدة، حفل افتتاح ملتقى التراث العمراني الخامس، والذي تستضيفه منطقة القصيم هذا العام بإشراف وتنظيم الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ومجموعة من الشركاء بالمنطقة.
وحضر حفل الافتتاح صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبد العزيز محافظ جدة رئيس مجلس التنمية السياحية بالمحافظة وأحد الشخصيات المكرَّمة في الحفل، وصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة وأحد الشخصيات المكرمة بالحفل، ومعالي الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس الرئيس العام لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي، ومعالي المهندس عبد اللطيف بن عبد الملك آل الشيخ وزير الشئون البلدية والقروية، وأصحاب المعالي والسعادة الوزراء والمسئولون عن السياحة والتراث في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وفور وصول سموهما لمقر الحفل افتتحا معرض الملتقى الذي يشتمل على أجنحة لعدد من الجهات الحكومية، ومجالس التنمية السياحية في المناطق، والمراكز والجمعيات المعنية بالتراث العمراني، إضافة إلى عدد من الفعاليات التراثية، وقاما مع كبار الضيوف بجولة في المعرض.
ثم بدأ الحفل الخطابي المعد بهذه المناسبة بالقرآن الكريم، بعد ذلك تم عرض فيلم الملتقى بعنوان (العودة إلى المستقبل).
وألقى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان، كلمة أكد فيها على النظر إلى التراث الحضاري لبلادنا على أنه الاقتصاد الجديد الذي سيحقق فرص عمل واستثماراً وافراً للمواطنين بشتى اختصاصاتهم ومستويات تعليمهم وفي كافة مجتمعاتهم، وقد قررت الدولة معادلة التضامن بين السياحة المتوازنة, والتراث, هي معادلة ستؤدي - بإذن الله - إلى إعادة الاعتبار والاحترام لتراثنا الوطني العظيم وجعله في متناول الزائر والأجيال المتعطشة لأن تعيش تراث بلادها في حلته الجديدة التي تحاكي العصر تنظيماً وتطويراً وازدهاراً - إن شاء الله -.
وأكد سموه أن الملتقى يقام والمملكة تعيش التحول الكبير الذي دعمته الدولة خلال السنوات الماضية لإحياء تراثنا الوطني وتعزيز دوره في حياتنا واقتصادنا، مشيراً إلى أن التراث الوطني الذي كان يُعتبر خطأً من مخلفات الماضي وعنوان التخلف أصبح في قمة اهتمام الدولة والمواطنين، وما نشاهده اليوم هنا في القصيم ما هو إلا مثال يتكرر في كل مناطق المملكة، وهذا ما كان ليحدث لولا توفيق الله تعالى ثم الدعم المتواصل من قائد هذه الدولة الملك سلمان - حفظه الله - وتكاتف مؤسساتها ومواطنيها.
ونوه سموه بالدعم والرعاية التي يوليها خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - للتراث الوطني، وقال: يجب أن أشير بكل التقدير مرة أخرى للدور الكبير لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - يحفظه الله - في العمل لإعادة الاعتبار لتراثنا الوطني منذ أن كان أميراً للرياض، ولقد عاصرت ذلك شخصياً عبر سنوات طويلة وهو يكافح وينافح من أجل الإبقاء على مصادر التراث في منطقة الرياض وفي أنحاء بلادنا، وقد وقف سداً منيعاً أمام برامج وخطط مسح التراث واستبعاده من خرائط التطوير في المنطقة. وأكد الأمير سلطان بن سلمان على الأهمية الحضارية والاقتصادية للتراث الوطني، مضيفا سموه: نحن جميعاً واثقون بأن الأمة التي لا تحافظ على تاريخها وتراثها الحضاري لا يمكن أن يكون لها مستقبل واعد، ولقد تطور اهتمامنا بالتراث، كونه الخيمة التي تظلنا, والرابط الذي يجمعنا ويؤكد هويتنا الوطنية, ولأنه باب خير اقتصادي مهم ومؤثر يمكن أن يساهم كما يساهم في الدول المتحضرة والمتطورة اقتصادياً في تحقيق التنمية المحلية المتوازنة على المستوى الوطني ويمكن أن يحقق فرصة غير ناضبة من العمل والإنتاج والإبداع للشباب والأسر.
وأشاد سموه بدور شركاء الهيئة في خدمة التراث وتحول النظرة تجاهه، وأضاف: وأنا هنا لأقف أمامكم مقدراً للدور الرائد لشركاء الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وهم كثر من إمارات المناطق وأمانات وبلديات المناطق والوزارات المتعددة الدور الرائد لهم في كل شيء نقوم به اليوم، ولذلك يجيّر النجاح إذا كان هناك نجاح الآن ومستقبلاً لهم وللمواطنين أساساً الذين قاموا معنا وتمسكوا بهذا التراث الذي تحول اليوم إلى مورد فيه خير كثير لهم إن شاء الله، ونحن اليوم انتقلنا بحق ومن هذا الملتقى نعلن اليوم أن أي مواطن وأي إنسان ينظر إلى التراث بازدراء فهو لا يمت لهذا الوطن بصلة ولا ينتمي إلينا، نحن اليوم ننظر إلى تراثنا الوطني على أنه أحد المكونات الأساسية لهذه الدولة المباركة وهذه الوحدة الوطنية الفتية, وأن مواقع التراث التي خرجت منها الوحدة المباركة وجمعت شملنا وهذه المواقع تنادينا اليوم أن نكون وفيين تجاهها وتجاه الذين سكنوا فيها وكافحوا ونافحوا لتقوم هذه الدولة المباركة، فلا يجب إلا أن نكون أوفياء معها كما نحن دائماً، ولذلك نحن نقوم باستعادة التاريخ والعمل جميعاً لمكافحة من يريد أن يقضي على هذا التاريخ لا قدر الله ولله الحمد هم قلة، ونحن ننظر إلى أن التراث الوطني يتحول من الاندثار إلى الازدهار ونستوحي في كل ما نعمله من كلمات سيدي خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - الذي وافق قبل شهر من الآن على برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري بميزانية لا تقل عن 5 مليارات ريال تشمل منظومة كبيرة من البرامج والمشاريع التي نعمل فيها سوياً مع شركائنا من البلديات الذين نوجه لكم شكراً خاصاً ولوزيرها الرجل الذي عملت معه لأكثر من 30 عاماً معالي الأخ الكريم عبد اللطيف آل الشيخ الذي يحضر معنا اليوم.
وتطرق سموه إلى التطورات والتحولات المهمة التي شهدها التراث الوطني خلال العام الحالي، ومنها تعديل مسمى الهيئة ليصبح: الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وإقرار الدولة برنامج خادم الحرمين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة، ووضع ميزانية خاصة به تزيد على الخمسة مليارات ريال للسنوات الثلاث القادمة.
وأضاف: هذا المشروع لا يهدف فقط لتعزيز الهوية الوطنية، بل إنه يركز على الربط بين الاقتصاد والتراث، وهو مشروع كبير ورائد كما قالت عنه رئيسة اليونسكو في خطاب سابق. واستكمل سموه التطورات والإنجازات بإقرار نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني من قبل الدولة وإنجاز جميع اللوائح التنفيذية الخاصة به، وهو النظام الوحيد على مستوى العالم لذي يقر بجمع التراث والتراث العمراني في نظام موحد ويستوحي هذا النظام جميع التجارب الدولية الرائدة التي عملنا عليها على مدى أربع سنوات حتى تم إقراره بمشاركة مع شركاء كثر من قبل الدولة وإنجاز جميع اللوائح التنفيذية الخاصة به وتم إقرارها اليوم في القصيم وستعلن الأحد القادم - بإذن الله -، وتأسيس شركة الضيافة والفنادق التراثية «نزل» التي ستعمل على مفهوم «تكامل التراث» وستشكّل قاعدة اقتصادية توازن بين المحافظة على مكونات التراث وتوظيفه اقتصادياً، وتأسيس شركة التنمية والاستثمار السياحي وبرنامج الإقراض للمشاريع السياحية الذي أقرته الدولة مؤخراً ويشكّل فرصة كبيرة لتعزيز السياحة بشكل عام وخصوصاً السياحة الثقافية التي صارت الآن محط أنظار المهتمين على مستوى العالم. إثر ذلك قام سمو رئيس هيئة السياحة والتراث الوطني وسمو أمير منطقة القصيم بتدشين مبادرات ومشاريع التراث العمراني في مناطق المملكة والتي بلغت 34 مبادرة ومشروعاً.
ثم ألقى صاحب السمو الملكي أمير منطقة القصيم كلمة أكد فيها أن شعلة العناية بالتراث انطلقت ولن يستطيع أحد أن يطفئها.
وقال: الحمد لله الذي وفقنا للقاء هذا الجمع الكريم ومرحباً بكم جميعاً أشقاء وأصدقاء مرحباً بكم في المملكة العربية السعودية وفي منطقة القصيم التي ستعانقكم بكل تاريخها العبق وبتراثها الثري واقتصادها النامي والمزدهر والقوي - بإذن الله -.
وأضاف: مرحباً بأول رائد فضاء عربي مسلم حمل راية التوحيد مخترقاً بها الأفلاك مشرفاً بلاده وأمته مرحباً برجل السياحة والتاريخ الرجل الذي أوقد شعلة لن تنطفئ أبداً - بإذن الله - حملها من تخوم الماضي لتضيء آفاق المستقبل المشرق شعلة إحياء التراث العريق والتاريخ المجيد لهذه البلاد المترامية الأطراف والتي شهدت وعاصرت مختلف الحقب التاريخية المضيئة لهذه الأمة منذ رحلات الشتاء والصيف وحضارات الأنباط ذات التاريخ العريق إلى حضارة النور حضارة الدول والخلافات الإسلامية المتعاقبة إلى الدولة السعودية الأبية والتي نستنشق عبيرها ونتنسم عبق أمجادها العريقة تلك هي بلادنا الحبيبة بكل بقاعها ووديانها وسهولها. وأوضح سموه أن احتضان القصيم لهذا الملتقى في نسخته الخامسة يؤكد أهمية هذه المنطقة وعمقها التاريخي وما تحتويه من تراث وطني نفخر به جميعاً، مشيراً إلى أنها فرصة لإبراز هذا المخزون التراثي الذي تزخر به منطقة القصيم وتتشارك فيه مع بقية مناطق المملكة العربية السعودية. وقال الأمير فيصل بن مشعل في ختام كلمته: لقد حظي قطاع السياحة والتراث الوطني بدعم واهتمام كبيرين من سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - ليتمكن من أداء دوره في العناية بالتراث الوطني وترسيخ المواطنة الحقة وليتمكن النشاط السياحي بوصفه قطاعاً اقتصادياً رئيساً يسهم بدور كبير في تنمية جميع مناطق المملكة.