عبدالله العجلان ">
كان المقطع الأكثر مشاهدة وانتشاراً على مستوى العالم في محرك البحث على الإنترنت في يوم وفاة فقيد الوطن صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز - يرحمه الله -، هو ذلك الذي احتضن فيه سموه بعاطفة جياشة وأبوّة إنسانية حانية ولافتة الطفل عبد الله عادل الجريد، الذي أثار وقتها إعجاب الكثيرين بما شهده الموقف من حوار جميل بريء وتلقائي دار بين سموه وعبد الله ..
وبمثل ما تأثر الجميع بذلك المشهد النادر، فقد خيّم الحزن مساء يوم الجمعة الماضي علينا وعلى محبيه الكثر، بعد خبر وفاة عبد الله - يرحمه الله - في ألمانيا إثر عارض صحي مفاجئ، وحزن على عبد الله أكثر كل من عرفه عن قرب، وعرف ابتسامته وحيويته وجمال لغته وكيف وهبه الله الذكاء والفطنة وسرعة البديهة، وزاد عليها ثقافته العالية وإلمامه بكثير مما يجري على كافة الأصعدة رغم صغر سنّه وشدة إعاقته، وشخصياً كان يبهرني - رحمه الله - باطلاعه الواسع وفكره العالي في الشأن الرياضي، ومن يقرأ الحوار الذي أجراه الزميل فرحان الجارالله معه هنا في الجزيرة سيجد في إجابات عبد الله براعته وفهمه وحسن قراءته الفنية التي لا يختلف فيها عن كثير من النقاد والمحللين..
انتقل عبد الله الجريد في زهرة شبابه إلى رحمة خالقه، وترك لنا جميعاً وللأجيال نموذجاً للعطاء والحماس والبذل، سيرته القصيرة عمراً الزاخرة بالأمل والحب والتفاؤل والإرادة، جديرة بأن تكون نبراساً لأترابه من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكل من يتطلع إلى مستقبل أكثر بهاءً وإشراقاً، رحم الله عبد الله والعزاء والمواساة لوالده ووالدته وأسرته الكريمة، ولنا جميعاً ولزملائه وأصدقائه ومحبيه الكثر في حائل ومناطق المملكة كافة، نسأل الله الصبر والسلوان لوالديه وأن يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة..
وفروا التوعية بتطبيق الأنظمة
تتردد مفردة (الثقافة) وأختها (التوعية) كلما جاء الحديث عن ممارسة اجتماعية خاطئة أو ظاهرة سلبية منتشرة، فيأتي ذكرها في الكلام عن التعصب وفشل الاحتراف الرياضي وبث الكراهية والآراء العدائية بين الجماهير وفي وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، كذلك في الكوارث والحوادث المرورية والقيادة المتهورة للسيارات، وفي العبث السافر المزعج المهلك للبيئة والطبيعة..
صدعوا رؤوسنا بالقول إن ما يحدث من أخطاء وتجاوزات مفجعة هو نتاج ثقافة المجتمع، لذلك فإن إيقافها يتطلب أولا توعية المجتمع، وكأن المجتمع كل المجتمع لا يدرك مخاطر وعواقب هذه السلوكيات، وبالتالي علينا أن نتحمل تصرفات المتهورين منهم بحجة أن لديهم نقصاً في التوعية لحين استيعابهم لها، وهذا المفهوم في تقديري يمثل العبث بعينه ويعد مضيعة للوقت ولقراءة واقعنا بطريقة صحيحة ومنطقية..
اختصاراً للجهد والوقت فإن ما نحتاجه لإيقاف هذا النزيف في الشأن المروري والرياضي والإعلامي والبيئي وغيرها، هو إقرار أنظمة متجددة صارمة، وآليات وأدوات عملية ورقابية مجدية مثل كاميرات المراقبة في الملاعب والشوارع والأحياء، ويتم تطبيقها والتعامل معها بكل حزم على الجميع وبلا تهاون أو تخاذل أو استثناءات ولا واسطات أو محسوبيات، وحتى تتأكدوا من أن ذلك سيكون حلاً شافياً لهكذا مشكلات، انظروا كيف يلتزم ويتقيد ويحترم نفس أفراد مجتمعنا بالأنظمة المطبقة في دول أخرى نسبة الوعي والتعليم في مجتمعاتهم أقل بكثير مما لدينا، لكنهم استخدموا النظام منهجاً ومبدأ يقف في وجه كل من تسول له نفسه إيذاء الناس والتمادي بعبثه وتهوره..
أتذكّر تلك الحملات التوعوية الصحية عن أهمية تطعيم الأطفال منذ ولادتهم ضمن جدول زمني، وقتها لم يتفاعل الكثيرون مع هذه الحملات وتركوا أطفالهم يكبرون بلا تطعيم، لكن بمجرد أن اعتمدت وزارة الصحة شرط استكمال مراحل التطعيم للحصول على شهادة الميلاد، رأينا الجميع يلتزمون ويبادرون بأنفسهم لاستيفاء هذا الشرط، وقس على ذلك الأنظمة الرائعة التي أقرتها وزارة الداخلية في خدماتها الإلكترونية وأثبتت نجاحها في تسهيل إنهاء معاملات المواطنين والمقيمين، وكذلك التقيد في تطبيق لوائحها وأنظمتها وتعليماتها ..