هبّت به رياح العارض فعبقت به أجواء الوطن ">
الشاعر فهد المبدل أحد أبرز الأسماء في الساحة الشعبية، عرفه الجميع كشاعر وكإعلامي متميز إبان مرحلة أوج المجلات الشعبية، وتحديداً مجلة المختلف الذي كان أحد أسباب تميزها، قدم أوبريت الجنادرية (وفاء وبيعة) لعام 1427هـ، يحظى بالمحبة والتقدير المتبادلة مع الشعراء والإعلاميين لأدبه الجم ونأيه عن كل ما يسيء إلى منهجه في الشعر والإعلام، وقد أصدر -مؤخراً- ديوانه الشعري (العارض) القيّم في محتواه والأنيق في إخراجه أهداه في مقدمته للملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- وكتب مقدمته دكتور سعد الصويان الذي أشاد بتجربة الشاعر من منظور نقدي بعيداً عن الانطباعية أو المجاملة لأن محتوى الديوان يوثَّق أكثر من إشارة استجلتها النظرة العميقة الشاملة التي اتصف بها مداد دكتور سعد الصويان.
وقد وردت أكثر من عبارة اختزل فيها الكثير مما يود إيصاله منها قوله (صوت منعش هبّت به رياح العارض فعبقت به أجواء الوطن)، وفي موضع آخر من مقدمة الديوان قال دكتور سعد الصويان (كلماته طريّه نديّه.. قصائده رقيقة عذبة.. روحها بدوية .. وأنفاسها حضرية.. فيها عبق الصحراء وأناقة المدينة.. مزاوجة خصبة ولدت إبداعاً جميلاً ينسجم مع المرحلة الشعرية المعاصرة).
وقد تَطرّق الشاعر للعديد من أغراض الشعر المعروفة في ديوانه كشاعر متمكن وقادر على الأخذ بعنان المعنى وترويض حصان الشعر الجامح، يقول في مؤسس الوطن الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-:
من سماء نجد برق العز لاح
حي برقٍ من العارض يلوح
في قدومه هتف نور الصباح
طابت الروح يا طِبّ الجروح
فوق حد الأسنّة والرماح
موكب النور والشيخ الطموح
ما تليّن وهوّد واستراح
لين تم المغازي والفتوح
الولاء عز والوحدة فلاح
والوطن جسم والإمام روح
توّج الشيخ تاريخ الكفاح
من وقف دون حكمٍ ما يروح
وقد احتوى الديوان على العديد من القصائد الوطنية التي هي امتداد للقصيدة السابقة ولتوجّه الشاعر الوطني منها هذه الأبيات من قصيدته في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-:
سلمان يرزم في الحنايا ترزَّام
الراعدات.. البارقات.. المطيرة
لوّن قلوب الناس قيصوم وخزام
وميّل غصون الروح شوقٍ وغيره
ومنها قوله:
حيّرتنا بين الحقيقة والأوهام
حتى العيون عيون صقر الجزيرة
كما فعّل الشاعر في قصائده مواكبته ورصده لكل ما من شأنه رفعة شأن الوطن والذود عن حدوده بالشعر المؤثر في إيجابيته من ذلك قوله:
كبّر البارود في الميدان
جنّة الفردوس مخطوبه
السعودي في ثرى جازان
الشهاده عزّ مطلوبه
دكّوا اللي سلّه الشيطان
في جبل دخّان والخوبه
وكل ليل كدّره خوّان
قبل أذان الصبح صلّوا به
وقد تنوّعت موضوعات القصائد بتنوّع محطات حياة الشاعر في ميادين الحياة الشيء الذي ينم عن عمق تجاربه وانطلاقه من معينها في كتابته لقصيدته، يقول في إحدى قصائده في الديوان وتحديداً قصيدة (هيه) على الصفحة 142:-
ما يفرّج ضيقة الصدر الكلام
وما تسلّيني سواليف النديم
الأهلّه لو تمنّيك الغمام
الزمام يدور والخافي عظيم
ما على الدنيا مشاريه وملام
ما يلحّقها العتب غير الغشيم
لا تحب من الجمل غير السنام
ولا تغبط إلاَّ الرزين المستقيم
- محمد بن علي الطريف