د. مها بنت أحمد القرزعي ">
جاء مؤتمر (ثقافة خدمة العملاء في القطاع الحكومي) الذي عقدته وزارة الخدمة المدنية، ونظمته معهد الإدارة العامة خلال الفترة 5-7 صفر 1437هـ. من أجل بناء وتعزيز ثقافة خدمة العملاء في القطاع الحكومي التي أصبحت ضرورة حتمية لبناء حكومة أكثر كفاءة وفعالية وذات قيمة، واتساقاً مع توجهات القيادة الحكيمة لتطوير الأداء الحكومي بتقديم خدمات حكومية متميزة وعالية الجودة، واستجابةً ما دعت إليه أهداف خطة التنمية العاشرة بضرورة تعزيز الإصلاح المؤسسي، ورفع كفاءة وإنتاجية أجهزة الدولة وموظفيها، والسعي لتحقيق الكفاءة والفاعلية والجودة فيما تقدمه الأجهزة الحكومية للمواطنين من منتجات أو خدمات، وتطوير نظم التعاملات الإلكترونية بالأجهزة الحكومية والتحقق من الإنجاز (الكمي والنوعي).
ومفهوم خدمة العملاء والاهتمام بما يحتاجونه مازال مفهوماً جديداً بالنسبة لموظفي القطاع الحكومي، وأياً ما كان المسمى (عميل) أو (مستفيد) أو (مراجع) فإن المواطن أو المقيم هو المعني الرئيس بالجهود التطويرية التي تبذلها الدولة لتحقيق أداء متميز وريادي للإدارة الحكومية في المملكة العربية السعودية في ظل التطورات الإدارية والاجتماعية والمعرفية والتقنية والمستجدات المتلاحقة في أساليب التميز في خدمة العملاء.
حيث أصبح العميل في الوقت الحاضر عالمي التفكير، ويقارن أداء الجهاز الحكومي في وطنه بأداء الأجهزة العالمية الحكومية المماثلة، وهو ما رفع سقف توقعات (العميل) من مستوى الخدمات المقدمة له في الجهات الحكومية.
ويرون جميع القائمين على هذا المؤتمر من قادة ومنظمين وخبراء ومشاركين وحضور ومتابعين، بأنه سيسهم في تحقيق عدد من التطلعات والنتائج بإذن الله تعالى، ومن أبرزها:
- تحقيق الرؤى التنموية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بنى عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه- واستجابةً لتوجيهاتهِ الكريمة الذي يؤكد على أهمية العناية بالمواطن والمقيم والارتقاء بالخدمات المقدمة له من جميع الأجهزة الحكومية.
- نشر ثقافة خدمة العملاء، وتوسيع نطاق العمل به وفق أسس علمية ومفاهيم عمل صحيحة وحديث.. لتصبح هذه الثقافة مطلب اجتماعي وفكر ممارس لجميع القائمين على الخدمة وجميع متلقي الخدمة مما يحقق الرضا المجتمعي في مملكتنا الغالية، مملكة العز والأمان.
- إيجاد بيئة عمل مثلى تقوم على الأداء المؤسسي المتميز والاعتناء بالعميل، تهدف تقديم خدمات للعميل ذات سمات عالية الجودة تتجاوز توقعات العميل وبالتالي إرضائه والحصول على ثقته.
- إحداث نقلة نوعية قادمة في كيفية خدمة المستفيدين من القطاع الحكومي بشكل أفضل، وذلك بتغيير الصورة النمطية في طريقة التعامل مع المراجع (العميل) من خدمات القطاع الحكومي، من خلال بناء إستراتيجيات التحول من المفهوم التقليدي للمراجع باعتباره مراجعاً ليس له الخيار إلا قبول الخدمة المقدمة له بغض النظر عن جودتها إلى بناء مفهوم حديث لبناء وظيفي لخدمات العملاء وتطبيقها في أرض الواقع.
- ضمان توافر أدوات وكفاءات ومعلومات وبرامج توعوية وتثقيفية بأهمية العميل طالب الخدمة، وغرس قيم واتجاهات وسلوكيات في وجدان الكادر الوظيفي وقناعاته وتعزيزها في ممارساته اليومية، وتحقيق الرضا الوظيفي لموظفي الخطوط الأمامية وتمكينهم من إنجاز تقديم الخدمة للعميل بأسرع وقت وأقل جهد بما يكفل راحة المواطن واحترام وقته، ويحقق له الاستفادة الكاملة من الخدمة المقدمة.
- بناء وإبقاء قنوات الحوار والاتصال مع العملاء كافة بحيث تكون مبنية على الثقة والانفتاح والشفافية، والسعي وراء رضاهم وإيجاد قيمة للعملاء.
- الإنصات للمواطنين والعملاء والتعلم منهم أول وأهم مبدأ من مبادئ خدمة العملاء في جميع مستويات القطاع الحكومي، وتحليل رغباتهم واحتياجاتهم وتوقعاتهم واستقصاء آرائهم، واعتبار العميل محور الاهتمام وشريك إستراتيجي في تطوير الخدمات التي تلبي احتياجاته ورغباته وترقى لتطلعاته، من خلال وضع الخطط والبرامج وتسخير الإمكانيات المتاحة للقطاع الحكومي والتي توصله إلى تلبية هذه الحاجات والتوقعات.. لأن العميل هو الحكم الأول والأخير على تميز الجهة الحكومية وتفوقها، ورضا العميل هو المؤشر الرئيس لقوة وتميز هذه الجهة.
- تبني أفضل الممارسات وتطوير المنهجيات والأدوات والإجراءات في مجال خدمة العملاء في القطاع الحكومي يعد تحول جذري في النظرة إلى المواطن من مطالب للخدمة إلى مستفيد وعميل له حق في المطالبة بخدمة بأرقى المستويات وبالشكل الذي يخدم الاحتياج الفعلي لكافة المواطنين بصورة إيجابية وتفاعلية.
- بناء منظومة خدمة العملاء المتميزة التي ترتكز على البنية التحتية للجهاز الحكومي، ووضوح السياسات والأنظمة والإجراءات، وضوابط الخدمة، والعنصر البشري والرقابة والمحاسبية.
- توفر خدمة العملاء الإلكترونية لبناء أجهزة حكومية مبدعة وريادية للخدمات الإلكترونية لتلائم جميع فئات المجتمع ومن بينهم ذوي الاحتياجات الخاصة.
- توفر قيادات إدارية على مستوى عالٍ من التأهيل والمهارة والقدوة الحسنة قادرة على تخطي العقبات والصعوبات وجعل ثقافة خدمة العملاء جزء أساسي من ثقافة الجهاز الحكومي.
- إيجاد بيئة تنافسية بين أجهزة القطاع الحكومية الخدمية التي تسهم في الارتقاء بواقع العمل الحكومي، ومنح جائزة خدمة العملاء للموظف المتميز والأجهزة الحكومية المتميزة في تقديم الخدمة المتميزة للعميل.
وهناك عشرة مبادئ فعّالة يمكن لكل العاملين في الأجهزة الحكومية استخدامها لتحقيق التميز المنشود في خدمة العملاء وهذه المبادئ العشرة هي:
1- خصوصية التعامل: أن يشعر العميل أنه متميز ويعني للجهاز الحكومي الشيء الكثير.
2- اللقاء الأول للعميل: لأنه يعطي العميل الانطباع الأول عن القطاع الحكومي وموظفيه.
3- تجاذب الحديث الودي مع العميل: من خلال الحوار الودي وبناء الألفة مع العميل والابتسامة وتجنب لغة الحوار الرسمية أو المتعالية.
4- المعاملة الخاصة: من خلال التحدث بعبارات بسيطة، تُشعر العميل بأنه كل شيء يتم من أجله.
5- الاهتمام بالعميل والتواصل معه والاستماع لملحوظاته ومقترحاته حول الخدمة التي يتلقاها.
6- التفكير بإيجابية عند التعامل مع العملاء وحسن الظن بالعميل.
7- التعلم المستمر: واكتشاف أفضل طرق التميُّز في خدمة العميل، وأفضل الطرق لتطوير العلاقة مع العميل.
8- الحماس والتواصل المستمر مع العميل: من خلال تلبية متطلباته وملاحظة ما يحب وما يكره.
9- تقديم الخدمة بشكل صحيح ومحاولة عدم ارتكاب الأخطاء، وإصلاح الخطأ بسرعة في حالة وقوعه.
10- ترك انطباع إيجابي في أذهان العملاء مما يزيد من رضا العميل، وتبقى ثقته دائمة بخدمات الجهاز الحكومي.
وفوق كل هذه المبادئ على كل موظف حكومي استحضار رضى الله سبحانه في المقام الأول، وأن يخلص في أداء عمله ويراقب الله سراً وعلانية ويجعل مخافة الله أمام عينيه، ثم مراعاة ما تمليه عليه واجباته الوظيفية وقيم المجتمع، وأن يقدم الخدمة الموكلة على أكتافه بكل جدارة واقتدار، مستشعراً قول نبي الأمة عليه أفضل الصلاة والسلام: (لا يُؤْمِنُ أحدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأّخِيهِ ما يُحبُّ لِنَفسِهِ).