مندل عبدالله القباع ">
تنعم هذه المملكة مملكة الحب والإنسانية ومملكة العروبة والإسلام، التي حباها الله بنزول الوحي على نبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم في أطهر وأنقى بقعة في العالم، بوجود الحرمين الشريفين مكة المكرمة والمدينة المنورة الشريفة بوجود قبره الشريف، سخّرت الدولة كل إمكاناتها لذلك المادية والمعنوية والإدارية، منذ توحيد هذا الكيان على يد موحِّده الملك عبد العزيز عليه سحائب الرحمة والمغفرة عام 1351هـ.
وقد سار أبناؤه البررة على هذا المنهاج عليهم رحمة الله بالمغفرة والعتق من النيران ونتيجة لتحكيم دستور هذه الدولة الفتية المعتمد على الكتاب والسنّة، أصبح المجتمع ينعم بالأمن والاستقرار، حيث شمل هذا بمظلته جميع مناطق المملكة التي تعتبر شبه قارة، حيث أصبح الجميع ينعم بهذه النعمة مواطنين ومقيمين، لكن كل مجتمع يحصل فيه بعض الشذوذ والانحراف الفكري، ولكن ما حصل في السنوات الأخيرة من تطرف وانحراف فكري من بعض شبابنا ليس من سياستنا الأمنية والاجتماعية أو الدينية، لأنّ هذه السياسة تدعو إلى (أسلوب الإصلاح والاستقامة والوسطية)، إنّ ما ما حصل نتيجة سياسة التطرف والغلو في الدين وعدم فهمه على حقيقته من بعض المتشددين الذين غيروا أفكار شباب هذه الأمة (أمة الإسلام)، وغسلوا أدمغتهم وأفكارهم التي تشبه (الأسفنجة) التي تمص كل شيء دون تمحيص أو تدقيق، ومما زاد (الطين بله) ارتباط البعض منهم بأفكار منحرفة ومتطرفة من أعداء هذه الأمة (من القاعدة وداعش وجبهة النصرة وحزب الشيطان وغيرها) من الأفكار التي تهدف إلى زعزعة مجتمعنا أمنياً، ومحاولة تأصيل الطائفية والمذهبية التي لم ينزل الله بها من سلطان، فكلنا (مسلمون سنّة وشيعة) يجمعنا سماء واحدة وأرض واحدة تحت شعار (لا إله إلا الله محمد رسول الله).
لكن عنصرية الدولة الفارسية المجوسية صاحبة المذهب الإثنى عشري والتي تدّعي تطبيق الإسلام، بينما هي تخدم الصهيونية وإسرائيل إنها (إيران الملالي) لا تريد لنا إلا الخراب وتأجيج الطائفية والعنصرية والمذهبية، أما في داخل مجتمعنا فوجدت هذه الأفكار المتطرفة بعض الترويج لها من بعض أفرادنا، فحصل ما حصل من تطرف وغلو وتشدد وأفكار إرهابية، نتج عنها تفجيرات مختلفة في بعض مدن المملكة، وقد اتجهت أخيراً هذه التفجيرات من قِبل من قام بها من المجرمين إلى مساجد وبيوت الله، فمات من مات وأصيب من أصيب من عباد الله الراكعين الساجدين عند ربهم شهداء إن شاء الله، والدولة أعزّها الله انتبهت إلى هذه الأفكار المتطرفة والمنحرفة قبل سنوات ماضية فتم افتتاح مركز للمناصحة وأطلق عليه مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة، لأنّ الدولة تشعر أن في هذا رأفة بحالهم وعلاجهم، لأنّ هؤلاء هم أبناء المجتمع ولا بد من احتوائهم، وكلفت بعض المختصين من أطباء ومختصين نفسيين واجتماعيين ودينيين شرعيين وتأهيليين، فمنهم من استقام وندم وعفي عنه وأطلق سراحه، حيث استفاد من هذا المركز في حدود ثلاثة آلاف شخص ومنهم من لم يستجب وبقى على حاله في حدود 10% حسب الإحصائيات التي اطلعت عليها، ولكن هذه النسبة قد تشكل خطراً وانحرافاً فكرياً وإرهابياً أخطر من الذين استفادوا، لأنّ الإجرام والانحراف قد يكون متأصلاً فيهم، ومنهم من غلف نفسه أنه استقام وبدأ يظهر ذلك على من حوله وتم الإفراج عنه، ولكن شره وانتقامه ما زال في نفسه مثل (مفجر مسجد المشهد في مدينة نجران)، الذي سبق له الالتحاق (بداعش) وأفرج عنه من مركز المصالحة قبل سنتين.
وأنا هنا أقول إنّ مثل هذا الشخص (لا يجدي معه النصح والإرشاد) لأنّ النصح والإرشاد في هذه المواقف لا يعالج السلوك المنحرف، ولابد من التشخيص (تشخيص الحالة وسبر أغوارها) حتى نصل إلى الدوافع والأسباب، وهذا التشخيص يحتاج إلى معلومات (عن الشخصية وسماتها والبيئة التي عاش فيها سواء في الأسرة أو المدرسة أو الجامعة أو الحي والجيرة والأشخاص الذين يحتك بهم ويعيش معهم ويرافقهم)، حتى ولو طالت المدة حتى نصل إلى التشخيص الدقيق والحقيقي لدوافع الجريمة ومن ثم (العلاج) وبعد إطلاق سراحه يتم متابعته عن طريق الرعاية اللاحقة، وأن يحضر في قسم الشرطة القريبة من الحي الذي يسكنه بين فترة وأخرى، حتى يتم التدخل في الوقت المناسب قبل وقوع الجريمة أياً كانت أو التخفيف من نتائجها وحدّتها.