نظام المشتريات الحكومية الراهن يُمثِّل أحد أبرز معيقات قطاع المقاولات ">
الدمام - عبير الزهراني:
أكد مختصون بأن نظام المشتريات الحكومية يمثّل أحد أبرز المعيقات لقطاع المقاولين في تنفيذ مشروعاتهم، وقالوا لـ»الجزيرة» بأن بعض النصوص المتعلقة بآلية التعاقد وإدارة المشروع والعلاقة بين أطراف العقد الثلاثة هي سبب رئيس في إعاقة وتأخير المشاريع الحكومية.
وقال عضو اللجنة المشتركة مع وزارة العمل لتطوير آليات قطاع المقاولات وعضو اللجنة الوطنية للمقاولين المهندس فهد النصبان بأن بعض النصوص المتعلقة بآلية التعاقد وإدارة المشروع والعلاقة بين أطراف العقد الثلاثة
(المالك والاستشاري والمقاول) أثناء عملية التنفيذ وضوابط ومسوغات صرف المستحقات هي سبب رئيس في إعاقة وتأخير المشاريع الحكومية، مبيناً أن هناك العديد من المشاكل التي تواجه المقاولين تتمثّل في الحصول على الكوادر البشرية أو التي تؤدي إلى التأخر في الحصول عليها وعدم الالتزام بصرف الدفعة المقدمة لدى بعض الجهات والتأخير في صرف مستحقات المقاول الجارية والنهائية، وتعاقد المقاول على عدة عقود في آن واحد تفوق قدراته المالية والفنية، بالإضافة إلى أنظمة توطين الوظائف التي لا تتلاءم مع أو تراعي طبيعة النشاط ومدى رغبة المواطنين في العمل فيه.
وعن أهم حلول تعثر المقاولين في المشروعات الحكومية قال: يجب إعادة النظر في النظام ولائحته بما يتلاءم مع ما تتطلبه صناعة المقاولات لتكون صناعة ناجحة وقوية داخل المملكة وخارجها، ورفع مستوى وقدرات الإدارة الإشرافية لدى المالك، أو إسناد مهمتها إلى بيوت خبرة متخصصة تحسن الإدارة والإشراف، تسهيل العقبات أو إزالتها في سبيل حصول المقاول على عمالته بسهولة وسرعة ملائمة، إلزام الجهات الحكومية بصرف الدفعة المقدمة بضمان الحكومة دون الحاجة إلى الضمانات البنكية، وصرف مستحقات المقاول عند استحقاقها وعدم تأخيرها وإزالة العقبات الإجرائية ومسوغات الصرف الكثيرة التي عفا الزمن على معظمها، وعدم تكليف المقاول بأعمال تفوق طاقته وقدراته المالية والفنية وتخفيف قيود التوطين وإعادة صياغتها وتحديد نسبها وفقاً لما يلائم قطاع المقاولات وطبيعته.
وقال المهندس جعفر الزهراني: لم يعد تعثر المشاريع الحكومية (حالة شاذة) تحدث في أماكن معينة أو لنوعية معينة أو حجم معين، وإنما أصبحت (ظاهرة) تستوجب استنفار الجهات ذات العلاقة لإعداد خطة طوارئ (إن صح التعبير) للقضاء على التعثر والنهوض بمستوى المشاريع كماً وكيفاً وحتى لا تصبح المشاريع الحكومية بمختلف أنواعها صيداً سهلاً للصوص المال العام.
وأضاف: لا أتفق مع الكثير في أن نظام المشتريات والمناقصات الحكومية أحد أسباب تعثر المشاريع, بل على العكس فهو نظام واضح وصريح يتضمن آلية طرح المشاريع والشروط العامة والخاصة بما يتوافق مع أنظمة الدولة ويتضمن كذلك التعاقد بين المقاول والمالك (الجهة الحكومية), ولكن بداية المشكلة هي في إخلال أحد الطرفين أو كليهما بما تضمنه هذا النظام وما بني على (إخلال) فهو (متعثر)، فلو أخذنا على سبيل المثال شرط (الأقل سعراً) عند ترسية المشاريع, فهو لا يُعد الشرط الوحيد للترسية كما يعتقد الأغلبية، بل هو واحد من المعايير الأخرى ويتم اللجوء له فقط لترجيح كفة مقاول عن آخرين عندما تتساوى عروضهم الفنية والإدارية والبشرية, لكن أن يكون السعر الأقل هو الفيصل الوحيد فقط للترسية، هنا فقط نقول إننا كتبنا أول حرف من حروف التعثر.
وأضاف الزهراني: مما سبق نستنتج أن الأسباب الرئيسة لتعثر المشاريع الحكومية تكمن في عدم التزام المقاول والمالك (الجهة الحكومية) بما تضمنه نظام المشتريات والمناقصات الحكومية والإخلال بالعلاقة التعاقدية بينهما نتيجة ضعف أحدهما أو كليهما، بالإضافة إلى ضعف بعض المقاولين (مالياً وإدارياً وفنياً وبشرياً) وتكليف بعضهم بتنفيذ مشاريع تفوق إمكانياتهم مما تسبب في عدم قدرتهم على الاستمرار أو تكليف مقاولي الباطن الأقل كفاءة، إضافة إلى ضعف الجهاز الإداري الإشرافي للجهة المالكة (كماً وكيفاً)، وعزوف المقاولين المؤهلين عن تنفيذ المشاريع الحكومية بسبب البيروقراطية الإدارية وتأخر صرف المستخلصات المالية, واتجاههم للقطاع الخاص، وانعدام التنسيق بين القطاعات الحكومية في تنفيذ المشاريع, فتجد مشروع جهة يُؤخر مشروع جهة أخرى, أو يُؤجل استخدامه، أو قد يتسبب في إلحاق الضرر به وإعادة تنفيذه.
وتابع الزهراني: من خلال الأسباب أعلاه تكمن الحلول في الإعداد الكافي والوافي للمشاريع من قبل الإدارات المختصة في الجهة المالكة وتطبيق نظام المشتريات والمناقصات الحكومية وإعداد الاتفاقيات التي تحكم العلاقة مع المقاولين، على أن يتولى هذه المهام كوادر متخصصة فنية وإدارية والاستعانة بمقاولين عالميين في تنفيذ المشاريع وخصوصاً تلك التي تهم المواطنين كمشاريع الإسكان والبنية التحتية والطرق والمدارس والمستشفيات، على أن تتوافق طبيعة المشروع مع تخصص هؤلاء المقاولين ودعم الجهاز الإداري الإشرافي في الجهات الحكومية وتأهيل العدد الكافي ليناسب أحجام المشاريع ونوعها وأماكن تنفيذها، بالإضافة إلى استقطاب وتشجيع وتحفيز المقاولين المميزين للدخول في المشاريع الحكومية بتسهيل إجراءات الصرف وعدم تأخير المستحقات المالية، والحزم في اتخاذ الإجراءات النظامية من خصم مالي, وسحب للمشروع من المتعثرين, ووضعهم ضمن قائمة سوداء تمنعهم من الدخول في مشاريع حكومية قادمة وتنسيق جاد بين الجهات الحكومية المختلفة أثناء تنفيذ المشاريع حتى لا تتعارض مع بعضها أو تتسبب في تأخير أو تعثر مشروع على حساب آخر.
من جهته، رأى الدكتور عبد الله المغلوث أن نظام المشتريات الحكومية نظام بيروقراطي يتأخر في الدفع، وهو نظام قديم بحاجة إلى التطوير، فهو لم يعد حالياً متوازياً مع التطورات الحديثة، لذا جاءت المشتريات الحكومية الإلكترونية تدعم هذا الاتجاه، لكي تتحقق الاستفادة منه بأقصر الطرق والزمن. وأضاف: من المشاكل التي تواجه المقاولين في تنفيذ المشاريع تأخر المستحقات المالية ونقص الأيدي العاملة وتسليم المواقع التي يبين فيها مشاكل، إضافة إلى الإشراف الهندسي والمخططات التي لا تواكب حجم وقدر هذا المشروع، ولا بد من أن تقوم الجهات المعنية ووزارة المالية بصرف المستحقات أولاً بأول، وأن توجه مؤسسة النقد البنوك التجارية بتسهيل التمويل البنكي للمقاولين، كذلك يجب أن تحرص وزارة العمل على تسهيل الإجراءات للحصول على تأشيرات العمل.