علي الفهيد ">
تصحو مع نسمات الفجر الأولى وخيوطه، على صياح الديك، أو المنبه، فتلبي نداء الصلاة، وما أن تستريح للإفطار حتى تنطلق منبهات وأبواق السيارات والحافلات من ميسرة وميمنة ومقدمة منزلك، وحتى من خلفه. فهذه حافلة تنبه لنزول زوج جارك الموظفة، وأخرى لأبناء جارك الطلاب، وأخرى لابن جارك الصغير الذي يتباطأ جداً، فيستشيط السائق غضباً، فيزيد مرات التنبيه: بييييب.. بيييييب، وتتوالى المنبهات فتشعر كأنك في محطة الحافلات حتى غطت هذه البيب على زقزقة العصافير، وتغريد البلابل، وهديل الحمام وصياح الديكة فهربت بدون رجعة، وما عدنا نشعر بجمال الصبح، والاستمتاع بنسماته كما كنا قبل عشرين سنة حين كان الأب وأبناؤه يجتمعون على مائدة الإفطار، وهو من سيوصلهم إلى مدارسهم فلا تسمع من السيارات «بيب» ولا «طيط».
ومع توسع المدن، وانتشار مهنة التوصيل، وازدياد أعداد السيارات، ازدادت ظاهرة إساءة استعمال المنبه في كل زمان ومكان حتى في آخر الليل، أو عند المدارس، والمستشفيات، والمساجد!
وللأسف لا يعلم جل الناس أن من مخالفات المرور الفئة الثالثة «إساءة استعمال منبه السيارة»، وأن عقوبتها غرامة مالية «لا تقل عن مائة وخمسين ريالاً، ولا تزيد على ثلاثمائة ريال»! فهل تكفي لردع المخالف؟ وهل تطبق؟
إن إساءة استعمال المنبه غير مستعصية على الحل إذا تضافرت الجهود الشعبية والحكومية، ويتمثل الحل في رأيي المتواضع بتنظيم إدارة المرور حملات وطنية توعوية موسمية أو دائمة عن أوقات وأمكنة استعماله، وأضرار إساءة استعماله على الآخرين، وأن يستخدم بفن وذوق وأخلاق، خاصة عند المدارس، والمستشفيات، والمساجد. يزامن هذه الحملات تطبيق العقوبات على المخالفين وتغليظها، متدرجة من الغرامة إلى التوقيف إلى السجن إلى سحب الرخصة، ومصادرة السيارة إذا لزم الأمر؛ لأن الحزم واجب إذا صارت المخالفة ظاهرة، مع تحفيز من يخلو سجله منها، وتسهيل إبلاغ الناس عنها وغيرها.
لقد بلغ السيل الزبى من هذا التلوث السمعي المتواصل، فإذا أزعجك أحد المستهترين، وأقض مضجعك فلأي الجهتين تشكو، المرور أم الشرطة؟ وهل ستجد عندهم الاستعداد لسماع شكوى «إساءة استعمال المنبه؟ مجرد سؤال.