قبل أيام ، استشهد قائد المقاومة في «إب» نايف الجماعي، فحزن جميع اليمنيين الشرفاء، ورفعت جثته العطرة آلاف السواعد التي هب أصحابها من كل صوب ليواروا جثمان قائدهم الثرى. وقبله طبعاً، استشهد أبناء لقادة المقاومة في مأرب وتعز، ومعهم مئات الشهداء المدنيين والعسكريين الذين كلما سقط أحدهم تتحول المئاسي إلى دورس تتعلم منها الأجيال عن كيفية الحرية ومقاومة الباطل والإجرام المتمثل بعصابة الحوثي وصالح.
ثمة فرق بين أن تموت وأنت تقاوم المعتدي وبين أن تقتل وأنت معتد ومجرم، فالأولى شرف والأخرى خزي فوق خزي. الأمثال كثيرة والشواهد أكثر على أن من قتل من اليمنيين اليوم وهو يدافع عن أرضه وماله وكرامته فهو بمثابة نجم ساطع تهتدي إليه كل الأرواح والضمائر التواقة للحياة والحب. على العكس ممن يعتدي وتتحول جثمانه إلى كتلة متعفنة يستكثر من دفعها للقتال حتى أن يبحث لها عن حفرة.
قبل أسابيع ، نشرت وسائل إعلامية يمنية صوراً لجثث حوثيين تنهشها الكلاب في شوارع تعز وعدن، ذلك بعد مجازر تلقتها عناصر جماعة الحوثي وقوات صالح من قبل المقاومة الشعبية المدعومة عربياً. لا أحد طبعاً يريد مناظر بشعة كهذه، ولا خاتمة سيئة للعناصر الذين أغلبهم من أولاد البسطاء ومن أبناء الأسر الفقيرة في محافظات الشمال ممن انخرطوا للقتال في صف الحوثيين لدواعي مذهبية وسياسية وبعضها لدواعي قبلية واقتصادية.
ما هو مؤلم حقا هو أن العديد من الأسر البسيطة في الشمال لا يدركون هذا المآل المخزي لأبنائهم الذين يقاتلون في صفوف الحوثي وصالح، إن غالبيتهم لا يعرفون حتى أين دفن أبنائهم وهم علموا مسبقا أنهم قد سقطوا واحداً تلو آخر في جبهات القتال. في هذه الجزئية بالذات تحدثت معلومات عن أن زعماء قبائل وزعماء دينيين في مناطق ذمار وصنعاء وعمران وحجة والمحويت فضلا عن صعدة وهي مناطق يغلب فيها المذهب الزيدي، يجمعون أبناء الأسر الفقيرة ويدفعون لآبائهم مبالغ بسيطة فضلا عن أنهم يقنعونهم بأن هذا جهاد في سبيل الله. لكن معلومات تفيد بأن الكثير من أبناء القبائل بات يتبرم من التمييز الذي تبديه قيادة الحوثيين وصالح ليس في المبالغ التي يتسلمونها وحسب ولكن حتى عندما يقتلون يكون هناك تشييع ودفن للحوثيين الذين ينتسبون للأسر الهاشمية، أما العاديين فلا يقومون حتى بدفنهم، ومالصور التي تناقلها نشطاء عن جثث لمقاتلين تنهشها الكلاب، إلا دليل على أن الحوثيين لا يأبهون حتى بمقاتليهم من أبناء العاديين حين تزهق أرواحهم في جبهات القتال.
- صدام أبو عاصم
s.asim84@gmail.com