د. خيرية السقاف
لا يكتفون،
يسرقون البراءة في لدونة وعيها، وجنين قدرتها..
حتى الورد في اسمها «جوري» ما منع الخاطف عن شراهته
ففي خطف الطفولة إمعان المكلفين النفوس فوق طاقتها..
والمكلفون الحياةَ، والناسَ فيها مغبة اجترائهم يتكاثرون كالجراد..
مع أنهم يعلمون تماماً أن قوة الأمن تتطور، وتحكم قبضتها،
وأنّ الجزاء يتعاظم في صرامته،
وأنّ النتائج وخيمة في حصادها..
لكنهم يتمادون..!!
عند الأرصفة يترصّدون الغر من الصبيان،
وفي الأسواق يلتهمون غفلة المرافقينَ للصغار،
وفي المصحات حيث يتطبب الناس من أمراضهم، ينبتون أمراض صدورهم، ونفوسهم..
وفي أي مكان.. لا حرمة لأين، ولا لمن في مقاصدهم..!!
هؤلاء المكلفون الحياة، والأحياء فيها ما لا طاقة لهم به من آثار جرائمهم، وحرابتهم، وفسادهم يتكاثرون مع تطور المعرفة، وانتشار الوعي، وانتقال الخبرات، وسعة الفكر، وضوابط العلاقات، وتمكين القيم، ورقي الإنسان..
لكن كلا منهم هو يبقى ذلك النامي في غابة بشريته، تتنازعه شراهته، وغيُّه، ودنو رغائبه، وتسطح غاياته، وهشاشة أخلاقه..
لن يكون البكاء إلا عليه، ولا يكون السخط إلا منه،
وهو إنسان لم يستفد من معطيات الحضارة، والمدنية، وقيم التعايش، وسلام المبادئ، وواجبات العلاقات، وضوابط الشراكة فوق الأرض سواء ضاقت مساحتها في حيز موقع، أو كبرت في اتساع مواقع،.. بين قلة وثلل، وبين مجموعات فمجتمع.. لا ما يكبحه أو يثنيه..!!
هذا هو المكلفُ الحياةَ، والأحياءَ جهدَ الاحتمال لما يفعل، وجهد الكفاح ضد ما يفعل لتكون الحياة وديعة بأناسها، لا قلقة بتدنيه..!!
فهؤلاء الدنيئون خاطفون، سارقون، معتدون، قاتلون، عاقون، مفرطون، مفسدون هم وحدهم
من يخلطون بياض الصبح بدخان البركان،
ونقاء السلم بظلمة الغسق،
وبراءة الفطرة بتلوث النوايا..
هم الذين يلطخون الورد بعفن التبن ..
لتُنصب لهم المشانق،
ليتحملوا ما لا يطيقون من حزِّ حبالها..!
لأنهم يمعنون في خطف البراءة من قلوب الغافلين عنهم،
المطمئنين في مضامير سيرهم..
في غفوة نومهم، وضحكة أفراحهم..!!