بعد ثمانية عشر يوماً من احتفاله بالعيد
خنق الموت حرفاً؛ حرفاً تمتلئ به المائدات العارية من كل شيء
الساعة تشير إلى الثانية عشرة صباحاً، وذات التوقيت يشير إلى ترتيب الحرف هجائياً، ذلك في اللحظة التي حرر بها ساعة الجيب من آخر حلقةٍ تربطها بطية السترة..
وما إن ألقى الساعة بحافة الطاولة المصنوعة من الخشب الصلب حتى أتبعها بسمعه، لينتقل إليه صوت نبضها المضطرب انفتل عما يبحث عنه أصدقاؤه داخل تلك الحجرة كما لو أن الصوت يرجعه نحو البحر حيث أضاع هناك ما تبقى من الحزن الذي تكفأ به..
الحزن بداية جيدة لمعرفة الأشياء، والفرح لا يأتي إلا تبعًا له، فيما تلتقي رياح بحر قزوين الرطبة بتيارات الهواء الجاف القادمة من جبال ألبرز، إذا بصديقته راوند تقف على مقربةٍ منه يلف جسدها قماش الجرسية وعيناها تطوق البحر لتقول:
- في صغري كنت أعتقد أن البحر وحش كاسر
ما إن أغرق القرية التي تنام بسلامٍ حوله، فلما كبرت اتضح لي أن البحر يفتقد الركن المعنوي للقيام بالجريمة
- هل لازال يخيل إليك أنني أشبه البحر؟
- طبعًا؛ فالحرارة النوعية للبحر تكاد تتطابق مع ما تحتاجه لاستجاباتك للأشياء من حولك
- فهل كانت الحياة أصيلةً إذن؟
- قطعًا؛ لم تكن الحياة أصيلةً إلا بأفكارها
حمل ثقله تاركاً ما احتجبا عنه بالشاطئ أسيراً لعبثٍ تساؤلاته، وظله الذي يخيف كائناته الصغيرة، في مطار دشت ناز لم يلحق به سوى رسالةٍ كتب فيها:
(أفقدت صوتي السوبرانو، فلم أعد أفضل الحديث اشتهاؤك للحزن يقتل حضوري كأنثى).
- محمد نائف