أود التعليق على مقالة الكاتبة الرائعة سمر المقرن (الداعشي الخفي) التي نشرت في صحيفة الجزيرة.. فالتطرف والغلو في الدين موجود منذ القدم حتى في عصر الخلفاء والصحابة - رضي الله عنهم - وإن لم يكن بنفس بشاعته وسلوكه اليوم.بل إن التطرف لا يقتصر على الدين الإسلامي فقط، بل وجد في الديانات اليهودية والنصرانية وبقي القاسم المشترك بين المتطرفين جميعاً عدم فهم الدين بالشكل الصحيح وسوء تفسير النصوص الشرعية والكتب السماوية بحسب رغباتهم وأهوائهم، بعلم أو دون علم بذلك، بعيداً عن كل ما نصت عليه من تعاليم وأخلاق حميدة.
التطرف اليوم وصل إلى درجات بشعة من تشويه لصورة الدين ومن ينتسبون له.التطرف في بدايته كان القتل فيه يقتصر على الكافر حتى وإن كان معاهداً بغير حالة حرب، مدعين أن ذلك جهاد يرجى به مغفرة الله ورحمته، مع مخالفته لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - (من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة) حتى إن قدوتنا - صلى الله عليه وسلم - والصحابة - رضوان الله عليهم - تعايشوا مع الكفار في حالة السلم وتعاملوا معهم معاملة حسنة مجسدين أخلاق الإسلام ومبادئه الرائعة.اليوم القتل امتد للمسلمين في مساجدهم وأماكن أعمالهم وعباداتهم ابتغاء الجنة والحور العين من دماء المسلمين وفوق جثثهم، بل حتى أصبح الشخص يقتل والده أو خاله الذي رعاه، وأقرب أهله وذويه بمبدأ «الأقربون أولى بالمعروف»! هذا الفكر ينتج حينما يطغى التكفير على التفكير، ويبدأ التفجير بعد التكبير.
لو كانت الجنة بالتفجير والانتحار ما ترك هذا الفضل العظيم من أرسلك وجندك ونفذت ما يطلبه منك دون أدنى إعمال للعقل وتتبع للنصوص الشرعية الصحيحة.محاربة هذا الفكر المتطرف الضال الذي يهددنا جميعاً ويكفّرنا على حد سواء ليس مسؤولية رجال الأمن فقط، بل هو مسؤوليتنا جميعاً، كون المواطن رجل الأمن الأول، يجب علينا محاربته كل في مجاله، فالمعلم أثناء شرحه مع طلابه والمحاضر في قاعته والكاتب بقلمه والشاعر بشعره ورجل الدين في محاضراته وخطبه.
الجماعات المتطرفة تحتاج إلى دراسات مستفيضة من مراكز الأبحاث والجامعات لدراسة سلوكها ومبادئها من علماء الدين والنفس والاجتماع للرد على ما يروّجون له، محاولين بذلك تغرير وتجنيد الشباب الصغار في السن.
فبدل أن نترك المجال أمامهم لتغريرهم يجب علينا تحصينهم بالفكر السليم والوسطية والاعتدال بنفس الوسائل التي يستخدمونها كوسائل التواصل الاجتماعي والفيديوهات المختلفة، فالفكر يواجه بالفكر وباستخدام الحجة والعقل والمنطق.
مهما بذلنا من جهود لا نزال مقصّرين في خدمة ديننا ووطننا اللذين يستحقان منا الكثير.
نجوى الأحمد - جامعة الأميرة نورة