عبدالله الصالح الرشيد ">
في هذه الجريدة الأثيرة الرائدة الغراء كتبت في العدد رقم 15379 بتاريخ 13-1-1436هـ مقالاً شاملاً تحت عنوان رجال يزرعون الأمل ويخلصون في العمل - أشيد فيه بجهود وإنجازات بعض كبار المسؤولين العاملين المخلصين في الوزارات والمؤسسات الحكومية .. وكان الحافز الأول والهدف الوحيد لكتابة المقال هو لما لمسناه وشاهدناه من الأفعال التي تسبق الأقوال، يتجسّد ذلك بإنجازات فاعله ومثمرة لهذه الكوكبة التي كانت في دائرة الضوء تمثل الإخلاص والتفاني والحرص على العطاء المتواصل.
وكان والحق يقال ضمن سلسلة هؤلاء الأفذاذ المتميزين معالي الوزير الشاب الدكتور توفيق بن عبد العزيز الربيعة وزير التجارة والصناعة، الذي كانت إنجازاته اللافتة حديث المجتمع وعلى لسان كل مواطن مخلص غيور، في مقدمتها مبادرته الإنسانية في حماسه الجدي نحو موضوع حيوي وهام كاد يطويه النسيان، يتعلق بشريحة كبيرة من أبناء الوطن دب اليأس في نفوسهم وأصيبوا على أثر ذلك بالإحباط والتشاؤم، وأعني بهم ضحايا المساهمات العقارية الجامدة والمجمدة والمهملة والعائمة.. وقد عمل معاليه مع نخبة من رجال وزارته على نبش ملفات هذه المساهمات المتعثرة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه والإعلان عن بيعها والمزايدة عليها والحرص على إعادة حقوق المساهمين فيها بأسرع ما يمكن، أكثرهم من محدودي الدخل ومن البسطاء الذين لا حول لهم ولا قوة.. وفعلاً تحقق الكثير من هذه اللمسات والخطوات الإنسانية الفاعلة، بعد أن عادت بعض الحقوق إلى أصحابها وعادت البسمة إلى الشفاه وتنفس الناس الصعداء، وتفاءل الكثير بأن هذه الصفحات السوداء عن حقبة الاستغلال والاستغفال ستطوى إلى غير رجعة، ولكن كما يقال ونقولها بكل مرارة وأسف - الحلو ما يكمل - وربما سراة الليل طال بهم المسير، رغم أن تباشير النهاية كادت أو أوشكت أن تشرق على صباح جديد ينعم بنوره الجميع..
نعم في الآونة الأخيرة دب الفتور ولا أقول التراخي أو التساهل أو النسيان، في تصفية بقية المساهمات وبالأخص المساهمات الموغلة في القدم ومات رعاتها ومعظم المساهمين فيها، بعد أن ظلوا جميعاً ولسنين طويلة يتجرعون مرارة الانتظار والحرمان واليأس، مما يجعلنا نرثي لحال أبنائهم وأحفادهم من بعدهم ..
على سبيل المثال لا الحصر هناك مساهمة مضى عليها أكثر من أربعين عاماً هي مساهمة - الحميسان - غرب الرياض قريبة من طريق ديراب، حكاية هذه المساهمة كما علمت مرت فصولها التراجيدية على معالي وزير التجارة والصناعة من واقع ملفها الموجود لدى الوزارة.
قصة هذه المساهمة وباختصار تم الإعلان عنها بالصحف موضحاً فيها اسم البائع وموقع الأرض واسم المكتب الذي طرح المساهمة للمساهمين.
ومضت الأمور حسب المتبع في فتح المساهمة وتقدم المئات من المساهمين أكثرهم في عداد الفقراء ومن فئة الدخل المحدود، لأن قيمة متر الأرض كان مناسباً قياساً بواقع أسعار الأراضي في تلك الفترة أي قبل أربعين عاماً، وكانت نائية عن العمران ولم يظهر إلى الوجود الصندوق العقاري .. وقد تم قفل المساهمة بعد أن غطيت بالكامل وشرع الشيخ الحميسان بإنهاء إجراءاتها وصدر صك شرعي بها، ومن ثم بادر بتخطيط الأرض من أجل بيعها وتصفيتها وتوزيع أرباحها للمساهمين مع رأس مالهم.. ولكن ظهر فيما بعد وبصورة مفاجئة إلغاء صكها الشرعي الأول، وبقي راعي المساهمة يطالب بلا كلل ولا ملل حتى فراقه الدنيا ورحيله قبل عشرين عاماً رحمه الله. ونحن هنا نرفع نداءنا ومناشدتنا إلى معالي الوزير، هذا الرجل الذي تتحدث أعماله عن نفسها، وتتجسّد إنجازاته يوماً بعد يوم، ونقول له بصريح العبارة يا معالي الوزير حنانيك، مساهمة هؤلاء الغلابة المساكين اليائسين بين يديك من محدودي الدخل ظلوا لأكثر من أربعين عاماً يتجرعون مرارة الحرمان، مات أكثرهم وبقيت عوائلهم في ظل الأمل والألم والله ولي التوفيق.