أحقاً رحلت أبا علي، أحقاً ذهب ضياؤك وبهاؤك من بيتك؟
أحقاً لن نشاهدك في صالة منزلك ببشاشتك وأنسك؟
أحقاً لن نشاهدك تخرج بكرسيك المتحرك إلى المسجد ولن يشاهدك جيرانك؟
في منزلك الأول بشارع الوحدة كنت تذهب للمسجد لوحدك، وكان البيت مجاوراً للمسجد، وكنت تقضي جل وقتك في مكتبتك في البيت بين الكتب، وكنت تعطينا الفوائد الجمة من الكتب، وأبيت أن تنتقل لمنزل آخر إلا أن يكون بجوار المسجد، وهذا ما تحقق لك في حي الربوة، لقد كان لك قدم صدقٍ مع العلماء والزهاد وتعلم على يديك مشايخ وقضاة وأدباء ومفكرون.
أبا علي أحقاً رحلت وتركت شريكة عمرك (المتيمة بحبك) (والمتيم أنت بحبها) (مزنة القفاري) خالتي وأختي من الرضاعة -التي قَبَّلت رأسي قبل عشرين عاماً عندما فقدت والدتي تلك القبلة التي أعطتني مزيداً من الصبر والتماسك- أحقاً رحلت عنها وهي تعاني من الآلام منذ سنوات -شفاها الله- وقد كنت مؤنساً لها وللجميع.
أبا علي أنت لست زوج خالتي فحسب، بل أنت والدي الذي كنت أنهل من علمه وأدبه.
أحقاً رحلت أبا علي؟
لا لا ما رحلت وقد خلفت بنين وبنات تسلحوا بالدين والعلم.
لا لا ما رحلت، وقد خلفت «علي» ليبقي ذكرك عالياً، و»عبدالعزيز» كم يمازحك ليبقي البيت مرحاً وعزيزاً، و»خالد» ليبقي اسمك خالداً، و»فيصل» لكل أمرٍ فيصل، و»أحمد» لربك يحمدُ، و»أسامة» ليسمو بسمك بالسماء، و»بدر» ليبقي البيت بإذن الله بدراً.
لا لا ما رحلت وقد خلفت من البنات «لؤلؤة، هند، نوف، تهاني، وأنوار»؛ صاحبات الفضل والعلم والدعوة، تلك مشاعل للنور أبقيتها يا أبا علي.
أبا علي رحل نورك فإلى رحمة الله وجناته وبقي نور خالتي شفاها الله ومتعها بالصحة والعافية.
- سليمان بن إبراهيم الفندي