لم تكن أم فهد شخصية عادية في المجتمع بل كانت نموذجا يدّرس للأجيال القادمة، إذ كانت تجود على من حولها بالحب والمودة، إنها مزنة حمود الزومان التي وفقها المولى سبحانه إلى أن تدخل قلوب من حولها وسمع عنها أو تعامل معها، عاشت مع جيل الكدح والفقر وشهدت أجيال الرخاء ووعت بذاكرتها مشقة الماضي وسعة الحاضر.
لقد فارقتنا هذه المرأة الصالحة قبل أيام إذ أخذ المولى سبحانه أمانته فقبض روحها ورفع ذكرها..
زهدت بالدنيا طمعآ بالآخرة..
عاشت هذه المرأة الزاهدة قرابة المائة عام في رحلة كفاح وألحان حزينة تارة وسارة تارات أخرى، تركت أم فهد بعد حياة حافلة بالعطاء إرثا مباركا.
فهي امرأة في غالب شئونها لا تتحرك إلا بفطرتها الإنسانية السليمة وجدتها لا تفتر عن الذكر ولا تفارق سجادتها تدعوا للقريب والبعيد وبدعاء لا يجيده إلا هيّ فسبحان الله لديها قاموس من الكلمات عجيب رغم أنها لا تجيد القراءة والكتابة..
داهمتها عواصف الفتن في آخر حياتها فقدت زوجها ولاحقا شقيقها ثم ابنتها وبعد ذلك ابنها..
تربيتها للأيتام..
ظهر وميض الضوء في حضنها وهي تربي الأيتام وهم أحفادها أبناء ابنتها التي فارقت الحياة هي وزوجها لا يفصلهم إلا بضعة أشهر فكانت نعم الموجه ونعم المحتوى..
فن التعامل مع الآخرين..
تعاملت أم فهد مع الجميع بالفضل والعدل والرحمه فرسمت بسيرتها صورة المرأة التي تصنع الصفحات الناصعة في تاريخ مجتمعها، إنها ثمرة التربية تجلت عظمتها عبر الأحداث الجارية، اجتازت أم فهد بفضل الله سبحانه لهيب المحن المتأججة والليالي الرهيبة فكانت أكثر إحسانا وأعظم عطاءً قد تعجز المدارس النظامية في كثير من الأحيان إيجاد مثل هذه الأمثلة الفريدة من النساء رحِمك الله رحمة واسعة..
البارة الجوهرة..
ابنتها الجوهرة كانت نموذج عظيم في البر بالوالدين كانت مع والدها في لحظاته الأخيرة ومع والدتها في لحظاتها الأخيرة..
خاطرة..
لا أنسى اهتمامها الكبير بي.. لا أنسى رعايتها لي وحبَّها.. لا أنسى كرمها معي.. لا أنسى تضحياتها لأجلي.. لا أنسى دفاعها عني.. لا أنسى كلامها في حقي..
فكيف أنسى؟ وغيابُها قد أحدث فراغاً كبيراً في حياتي..
الوداع المؤلم..
في وداع العظيمات لا نقول إلا وداعا يا مزنة,
يا أرق نسمة، ويا أحلى بسمة, ويا أعظم بصمة,
وداعا يا مزنة, يا خير خالة، وأحسن أم، وأجمل جدة، وأفضل معلمة
رحمها الله رحمة واسعه وجمعنا بها في جناته..
نايف الحنيشل - القصيم - بريدة