حمد بن إبراهيم المنيف ">
يعج واقع العمل الحكومي بمجموعة من المفاهيم والمصطلحات التي تحولت مع تقادم الأيام إلى عوائق في وجه التنمية والتطوير الإداري، ولعل من أهمها وأبرزها على سبيل المثال لا الحصر الروتين القاتل لسير العمل وتدني مستوى الكادر الوظيفي وانتشار ثقافة أو ما يُعرف بت(راجعنا بكرة)، والتي أضحت بلا شك مشكلة إدارية معاصرة تحتاج إلى حلول وسياسيات عامة تجتثها من جذورها، ولأن كل معضلة أو مشكلة تتمثَّل في شكل سلوك إنساني هي في منابعها ناتجة عن قناعات وثقافة شخصية، وإرهاصات بيئة عمل فإن الحلول تكمن أيضَاً في انتهاج وخلق ثقافة بديلة تكون بصيغة ونمط حل لما مضى من عوائق ومعضلات، وهذا ما يقودنا إلى الحديث عن انعقاد مؤتمر ثقافة خدمة العملاء في القطاع الحكومي.
لقد آن الأوان وحانت الساعة لإطلاق بيئة عمل إدارية جديدة تكسر حاجز وفكرة تميز القطاع الخاص بمميزات خدمة العملاء وإيجابياتها، وهو ما تسعى إليه وزارة الخدمة المدنية مع شركائها في تنفيذ هذه الفكرة الرائدة في الطموح والجبارة في الإمكانيات، لكي يصبح القطاع الحكومي بيئة عمل تسعى بكل إمكانياتها وطاقاتها وكوادرها إلى تقديم خدمات هدفها الأول هو إرضاء العميل والتحول الجذري من ثقافة المراجع التقليدي وما ترسخ حوله من انطباعات تقليدية تتمثَّل بنمط وثقافة (المراجع والمعاملة، والصادر والوارد) إلى أرضية صلبة جديدة شعارها العميل وليس المراجع ومبادئها الجودة والإتقان، تنطلق وتنتهي في الأول والأخير إلى حيث رضاء العميل وتقديم الخدمات له كمخرجات عمل حكومي فائق الجودة وعالي الامتياز، مبني على سواعد كادر حكومي مدرب وبيئة عمل متهيئة بإمكانيات العطاء والإنجاز.
إن مؤتمر ثقافة خدمة العملاء وانعقاده في القطاع الحكومي يأتي في الأساس من سمو فكرة وطموح مشروع جعل من كلمة ثقافة مرادفة لكلمة خدمة وهذا ما يبين ويوضح الهدف السامي الذي تسعى إليه الأيادي العاملة على هذا المشروع والذي يأتي هذا المؤتمر كمقدمة له وبداية تمهيدية ستنتهي بإذن الله في إخراج الثمرة الأخيرة له.
إن المراقب لواقع التجارب الحكومية في العمل والتقدّم في الدول المتقدّمة يجد أن هذه النماذج قد قطعت شوطاً يحظى بالإعجاب والتقدير في مسارات خدمة العميل وكان ذلك نتاج خليط من التكاتف والاشتراك بين عدة مكونات من مكونات المجتمع المدني إن كان أولها المؤسسات الأكاديمية فإن ليس آخرها شركات القطاع الخاص التي استفادت الكثير من القطاعات الحكومية من تجاربها لتزاوجها مع واقعها الخدمي، في هدف أول وأخير هو الوصول إلى خدمة عملاء راقية تمتاز بالاستمرارية والنمو وذات طبيعة مستقرة تتحول مع مرور الأيام إلى ثقافة واقتناع تترسخ في وجدان الموظف وتتعمق في قناعاته، وهذا هو ما نسعى ونطمح إليه من خلال حيثيات ومكونات انعقاد مؤتمر ثقافة خدمة العملاء في القطاع الحكومي والذي لا نجانب جادة الصواب إن قلنا إنه ذو صبغة تنموية وتطويرية تامة وقبل ذلك هو جهد وطني لا يقل عن غيره من الأدوار الوطنية التي يجب أن تحظى بالاحترام والتقدير.
- المستشار المشرف العام على الإدارة العامة للعلاقات العامة والإعلام والمتحدث الرسمي لوزارة الخدمة المدنية