عبدالله بن علي الملفي ">
إن المتتبع والمتأمل للقرآن الكريم والسنة النبوية وآثار السلف الصالح يجد العديد من الآيات والأحاديث التي تحث على حسن العمل والتعامل مع الناس وتبشر بالخير وتمتدح من ييسر على الناس ويقضى حوائجهم ويبتسم في وجوههم وكل ذلك يدخل وفق المصطلحات الإدارية الحديثة تحت خدمة العملاء.
وفي ظل ما تمر به المملكة العربية السعودية من قفزات تطويرية ومنهجة إدارية شاملة، وفقًا للرؤى والإستراتيجيات التي تتبعها حكومة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- لدفع المملكة لركب الدول والمجتمعات المتطورة، وترسيخ دعائم الاستقرار الإداري والتنموي بها يأتي انعقاد مؤتمر ثقافة خدمة العملاء في القطاع الحكومي، كخطوة جبارة في نسق التطوير العام لعصب العمل الإداري والحكومي بشكل عام في الدولة.
فمن المعروف وغير القابل للنقاش أن التحول إلى ثقافة وأدبيات خدمة العملاء واستبدالها وإعلانها بدلاً من المرجعيات القديمة لثقافة المراجعين أضحت ضرورة قصوى وملحة في عالم يتسابق التنافس فيه بين اقطابه لتقديم الخدمة الأفضل والجودة الأعلى للعميل القائمة على التفاني في العمل واتقان أساليب وحبكة تقديم الخدمات وتسويقها.
إن خدمة العملاء التي نصبو إلى تحقيقها في القطاع الحكومي، هي في الأساس وبادى ذي بدء ثقافة والتزام قبل أن تكون ميكانيكية جامدة تطبق وفق آليات ولوائح وأنظمة إدارية جافة، بل لا نجانب جادة الصواب أن قلنا انها بمنزلة البذرة التي يجب زرعها في عقلية وفؤاد مقدم الخدمة لكي تجنى في الأخير تلك الثمرة المرجوة منها، فتأهيل الكوادر البشرية في القطاع الحكومي على تشرب تلك الثقافة والإيمان بها على ما به من طموح عالي السقف، هو أمر لا يمكن الوصول إليه بالقليل من الجهد، بل يتطلب ذلك السير على نهج أكاديمي وعلمي واضح يوظف له ومن خلاله النظريات والتطبيقات اللازمة لإنجاح مشروعه عبر الاستعانة ببيوت الخبرة العالمية إن لزم الأمر، وتطعيمه أيضًا بنماذج من التجارب السابقة سواء في القطاع الخاص وغيره من أرباب السابقة في الخبرة والتطبيق لتلافي الأخطاء والسلبيات سواء في التدريب أو التقديم والتطبيق. لقد وجهت حكومتنا الرشيدة جل اهتمامها لدفع عجلة التطوير والنماء في هذه البلاد وبذلت في سبيل ذلك الغالي والنفيس من المال والجهد والخطط الإستراتيجية، ولذلك فإن هذه الفكرة وما تنطوي عليه من تطلعات واستشراف للمستقبل تعد من أهم الخطوات للسير في الطريق الواضح والسليم نحو ترسيخ قواعد ودعائم التنمية المستدامة، ويشكل هذا المؤتمر الطموح وما ينطوي عليه من اجندات وأفكار أهم ركائزها وعنواينها العريضة، فالارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة في القطاع الحكومي والاعتناء بجودتها وتدريب وتأهيل الكادر الوظيفي لها يعد ارتقاء وقفز في الحياة الإدارية والتنموية والاجتماعية بشكل عام في البلاد. وأخير لا بد لنا كموظفين عامين رؤساء أو مرؤوسين أن نستشعر أن خدمة من يأتي الينا في مكاتبنا هو واجب ديني قبل أن يكون واجبًا وظيفيصا وإننا محاسبون عليه أو مأجورون عليه وإني بقدر ما أخدم هذا العميل هو يخدمني في موقع آخر ولذلك يقول الشاعر في مثل هذا الموضوع (الناس للناس من بدو وحاضرة.. بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم).
- وكيل وزارة الخدمة المدنية للشؤون التنفيذية