فايزة محسن الحربي ">
حينما تضج وسائل الاعلام برسائل حول قضية معينة، نستشعر حساسية القضية المتداولة عند المواطنين وكيف تؤرق حياتهم وتشغل أذهانهم.
السكن والإسكان من أكبر هموم الشعب السعودي، وهي قضية شائكة تتداخل مجموعة من الوزارات والجهات الحكومية والخاصة في تصاعد تأزمها أو وضع الحلول الجذرية لها، لكن المسئول الرئيس كما نعلم هو وزارة الاسكان. فمع شغف شبكات التواصل الاجتماعي وحريتها في الطرح والتفاعل اللامحدود لم يعد المواطن قادراً على الصمت والمجاملة للمسئولين فالصمت لا يطعم ولا يغني من جوع، لكن للأسف قد تحدث هذه الشبكات بلبلة وغوغاء اجتماعية مقصودة أو غير مقصودة لأهداف محددة أو غير ذلك، وقد تحدثت عن هذه الرؤية للنظرية التي أعتقد بها في عصرنا الإلكتروني وهي بعنوان: «الغوغاء الاجتماعية» والمنشورة في صحيفة الجزيرة في وقت قريب سابق، رأيت مؤخراً ما يؤكد ويبرهن على صحة النظرية بجلاء ومدى امتدادها السلبي والايجابي في قضية الاسكان ازمة فكر القضية التي اشعلت فتيلها مواقع التواصل الالكتروني من صحف وشبكات إلكترونية في الأيام الماضية، فمن خلال حضوري لاجتماع منتدى اسبار مع وزير الإسكان الذي حط برحاله وأوراقه وافكاره أمام عدد من النخب «الأكاديميين والإعلاميين والمثقفين» ليتقاسم معهم رؤاهم وافكارهم حول تطوير آلية الاسكان لإيمانه العميق بأهمية رأي المواطن، لم يكن الوزير يبحث عن الإعلام وصداه الرنان، فهو لن يعجز أن يجد من يطبل له عبر وسائل الإعلام، لكنه رجل عملي يبحث عن المعلومة والمعرفة بهدف الوصول إلى أفضل الحلول وأنجعها، وقد كررها في الاجتماع لا أريد النشر ولا الإعلام ولكن اريد التشاور والمشاركة وهو بذلك يقتدي بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في طلب الشورى.
ضمن ما طرحه الوزير في اجتماعه عن سعي الوزارة للاستفادة من خبرات ابرز الدول التي واجهت مشكلة الاسكان وعالجتها، وان الرسوم التي ستفرض على الاراضي البيضاء لمصلحة المواطن والوطن بالدرجة الاولى، واكد ان من اولوياته الوصول لرأي المواطن عبر استبانات توزع عليهم عند التسجيل لطلباتهم، واكد ان خطط الاسكان المستقبلية اهتمت بإدراج بند مقترح لحصول المرأة على قرض عقاري كمواطنة اسوة بالرجل ومساندة له، كما ركزت الخطط على الاهتمام بتوفير السكن ذي الجودة العالية والمساحات المناسبة لأصحاب الدخل المحدود والمتوسط في المجتمع لانهم الفئات المستهدفة بالدرجة الأولى في خطط الوزارة.
وقد طرح أعضاء منتدى اسبار رؤى متنوعة وجريئة كان الوزير يكتبها بقلمه من حرصه للمشاركة بالنقاش واهتمامه بما يطرح والرد على ذلك لم يكن بالمتعالي أو المستعرض بل كان بالحريص المتفاعل مع الجميع.
هذه خطوات إيجابية لوزير جديد لم يلبث على توليه المنصب إلا بضع أشهر، فكيف لنا نريد ان نصل بالحلول الجذرية في وقت مبكر، ليس ذنبه ان من سبقه لم يحقق المطلوب، وليس ذنبنا كمواطنين اتساع همومنا في تحمل معاناة الحاجة للاستقرار بالسكن في ظل رخاء تعيشه البلاد، أين جذور المشكلة وبدايتها وكيف لنا بنهايتها.
المؤسف في الأمر أن نواجه بسلبية من اجتهد وسعى لفتح قلبه وعقله للمواطنين ليسمع لهم ويضع متطلباتهم بأولوية الوزارة قدر المستطاع، وأن تؤجج شبكات التواصل بكلمات السخرية لإثارة الفتن والشائعات مقابل كلماته التي حوت الفكر وهو أساس النجاح في كل الأمور، فالتخطيط السليم لا يستقيم بلا فكر ناضج، والعمل غير المستند على أفكار واضحة ومحددة يصبح عملاً عشوائياً منتهياً بالفشل المؤكد.
حقيقة نحتاج إلى مسئولين وقادة أصحاب فكر خلاق ليضعوا الأمور في نصابها ويرسموا الخطط الاستراتيجية على أساس فكري عميق.
نحتاج إلى فكر إسلامي يزرع تقوى الله في نفوس بعض العقاريين الذين أغواهم جشعهم وأعمى بصائرهم ليوقظ احساسهم بالغير من اخوانهم المسلمين ويكف اطماعهم التي لا تشبع ولا تنتهي في مشاركة مجتمعية بعيداً عن الرأسمالية البغيضة.
نحتاج إلى وعي المواطن الذي تكالبت عليه متطلبات الحياة وصعب عليه الادخار ان يتعامل مع أزمة السكن بحكمة فيستفيد من العيش مع الأسر الممتدة في بيت واحد إلى أن تفرج أموره، وان يسعى لتملك الشقق كمرحلة انتقالية مؤقتة ينتقل بعدها إلى ما يحلم به من سكن مناسب، داعين الله ان يكون الفرج لهذه الأزمة قريباً وعاجلاً لأن الإيجار أرهق كواهل المواطنين وحرمهم الاستقرار والحياة الطيبة.
- عضو منتدى اسبار