الجنة تحت أقدام الأمهات
* لقد اشتُهِر بين الناس قول: الجنة تحت أقدام الأمهات من شئن أدخلن ومن شئن أخرجن، فهل هو حديث؟
- هذا الخبر ذكره ابن عدي في (كامله) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- وفيه موسى بن محمد بن عطاء كذَّبه أبو زرعة وأبو حاتم، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال الدارقطني وغيره: متروك، وقال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه كان يضع الحديث، قال ابن عدي: كان يسرِق الحديث، يقول ابن عدي بعد أن أورد هذا الحديث: هذا حديث منكر لهذا الإسناد، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: ما أعرف في هذا لفظًا مرفوعًا بإسناد ثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإذا تقرر هذا فالخبر لا يصح.
***
اتجاه القبلة في البريّة
* عندما نكون في البريّة ولم نصل إلى رأي في تحديد اتجاه القبلة، فكيف يكون العمل؟ وبأيّ الأقوال نأخذ لكي نأتلف ولا نختلف، فكلّ واحدٍ منّا يقول القبلة من ها هنا، علماً بأنّه لا دليل بيّن مع كلّ واحدٍ منّا؟
- هؤلاء الذين اختلفوا ولم يتفقوا على جهة معينة وكل واحد منهم له رأي بحيث اختار كل واحد منهم جهة من الجهات الأربع فإن كانوا على مرتبة واحدة في المعرفة والخبرة أو عدمها فهؤلاء لا يقلد بعضهم بعضًا؛ لأنه ليس أحدهم بالتقليد أولى من غيره، وإذا كان بعضهم راجحًا في معرفة القبلة بأدلتها فمثل هذا يُقلَّد؛ لأن التقليد قد يكون بغلبة الظن، وغلبة الظن أن الإصابة مع هذا الذي عنده من الخبرة ما عنده، أما إذا كانوا مستوين فلا يُقلد أحد غيرَه.
***
وقت زيارة المقابر
* هل لزيارة المقابر وقت فاضل أو يوم معين؟
- قد جاء الحث على زيارة القبور وأنها تُذكِّر الآخرة؛ للاعتبار والاتعاظ وانتفاع القلب ونفع الميت بالدعاء له، وكذلك سائر الأموات، لكن لم يرد تحديد وقت أو يوم أو شهر لزيارة القبور، وجاء في بعض الأحاديث الضعيفة أنَّ من زار أبويه كل جمعة كُتب برًّا [المعجم الأوسط للطبراني: 6114]، ولكن هذا الحديث ليس بصحيح، فلا يعمل به. لكن قد يُلاحظ على بعض الناس أنه يَلزم وقتًا حدده لزيارة القبور، ووقتًا حدده لزيارة المرضى، وآخر حدده لزيارة الأقارب، حدده من غير قصد للتعبد في هذا اليوم إنما لظروف عمله من باب ترتيب الوقت وظروف العمل، فمثل هذا لا إشكال فيه إلا أنّه إذا أخلَّ به في بعض الأحيان كان أولى.
وأما زيارة قبور الوالدين والأقارب كلَّ عيد فلا أعرف له أصلًا، لكن يبقى أنه مثل ظروف زيارة الأقارب من الأحياء، فإذا زار الأحياء في الأعياد، وزار الأموات لما ذكرناه سابقًا من أن ظرفه مناسب ويوم العيد يوم فرَّغه لنفسه لا يرتبط فيه بعمل فمن هذه الحيثية لا مانع -إن شاء الله تعالى-، لكن لو قصد يوم العيد لأنه يعتقد أن هذا وقتٌ فاضل للزيارة فهذه بدعة.
***
أعط الأجير أجره
* شاع بين الناس في بلداننا أنهم إذا أرادوا أن يستأجروا أجيرًا لا يتفقون معه على مقدار الأجرة مسبقًا، ثم بعد انتهاء العمل تحصل المنازعة والمخاصمة بين المستأجر والأجير، وذلك على القدر الذي لم يتفقا عليه في بداية الإجارة، فما حكم هذا العمل؟
- الأصل أن الإجارة مثل البيع تكون معلومة الثمن والمُثْمن، فالعمل لا بد أن يكون معلومًا موصوفًا وصفًا دقيقًا أو مرئيًا مشاهدًا، والأجرة كذلك لا بد أن تكون محددة، لكن قد يتعارف الناس في بلد أو في زمان على إطلاق مثل هذا الأمر سواء كان في البيع أو في الإجارة أو في مهر النكاح، فمثلُ هذه الأمور إذا حصلت يُرجع فيها إلى العرف، وحينئذٍ يُفرض له أجرة المثل، وقيمة المثل، ومهر المثل.
يجيب عنها - معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء