خبراء البتروكيماويات يؤكدون استمرار التوقعات الإيجابية رغم التحديات الراهنة ">
دبي - نواف المتعب:
أكّد المتحدثون في المنتدى السنوي العاشر الذي ينظمه الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات «جيبكا»، أنه على الرغم من التحديات المصاحبة لتقلبات أسعار النفط الحالية؛ لا تزال توقعات قطاع البتروكيماويات إيجابية ومبشرة بالتفاؤل، بسبب توفّر بيئات استثمارية جاذبة، والتزام الحكومة والطلب المستقبلي.
وقال المهندس عبداللطيف أحمد العثمان رئيس مجلس الإدارة ومحافظ الهيئة العامة للاستثمار: «قبل 40 عاماً، كنّا في منطقة الخليج العربي في وضع مختلف تماماً، وعلى الرغم من أن المنطقة كانت واحدة من أكثر المناطق الرائدة عالمياً في إنتاج النفط؛ لم يكن لدى هذه الصناعة أي طريقة لاستغلال الغاز المصاحب للنفط، الذي يتم استخدامه في صناعة المواد الكيميائية الأساسية التي ننتجها اليوم، وقد أنشأنا في المملكة شبكة الغاز الرئيسة لنقل الغاز ومعالجته، وذلك من خلال نظام شبكة غاز ضخمة ومتطورة للغاية، يزيد طولها على 4000 كيلومتر، وبطاقة إنتاجية تبلغ 9 مليارات قدم مكعبة يومياً، وشكّل هذا نقلة نوعية في صناعتنا واقتصادنا، ليشمل بذلك قطاع البتروكيماويات، ما أدى إلى إحداث ثورة خلال العقود الأربعة الماضية».
وخلُصت تقديرات «جيبكا» إلى أن قطاع البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي أنتج 136.2 مليون طن من المنتجات منذ عام 2014، وقد حقّق إيرادات من المبيعات بقيمة 87.4 مليار دولار.
وتابع العثمان: أما اليوم فنساهم بنسبة 13 في المائة من حيث حجم الإنتاج العالمي للبتروكيماويات. كما أبان استراتيجية التنمية الطموحة لدى المملكة، التي تهدف إلى مضاعفة فرص العمل والاستثمار والنمو الاقتصادي في السنوات العشر المقبلة.
ومن المتوقع أن يؤدي قطاع الصناعات النهائية دوراً رئيساً في هذه الرؤية، مع إمكانية توفير 200 ألف فرصة عمل مباشرة في هذه الفترة، فضلاً عن إمكانات الاستثمار التي تبلغ قيمتها أكثر من 150 مليار دولار، وذلك وفقاً لتقديرات «ساجيا».
وأضاف: «من المتوقع للمملكة أن تصبح موطناً لأكثر من 50 مليون شخص في السنوات العشر المقبلة، ونمتلك الخامات الأولية، ومركزاً ناشئاً للخدمات اللوجستية والنقل، إضافة إلى بعض القوانين الاستثمارية الأكثر تقدماً في العالم، كما نوفّر أيضاً دراسة جدوى قوية للمستثمرين، فضلاً عن وجود السوق والاقتصاد والمناخ الاستثماري المناسب».
ومن منظور عالمي، تسعى صناعة البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي أيضاً إلى اكتساب سمعة حسنة.
ويقول نيل تشابمان رئيس شركة أكسون موبيل للكيماويات:
«وُلد مفهوم سوق البتروكيماويات العالمي هنا في الشرق الأوسط منذ أكثر من 40 عاماً، واليوم يساهم الشرق الأوسط بنسبة 80 في المائة من الصادرات العالمية بين الأقاليم من المواد الكيميائية»، إلا أن التطورات الأخيرة في سوق الطاقة العالمي تبرهن على قدرة صناعة المواد الكيميائية النامية على تجاوز التحديات.
ويضيف: «التغيير هو قانون من قانون الحياة، ففي البداية، ومنذ 10 سنوات في أول منتديات جيبكا، لم يتوقع أحد ظهور الولايات المتحدة كمركز نشط لاستثمارات المواد الكيميائية، إلا أننا نرى اليوم أن أمريكا تتبع نهجاً مماثلاً للنهج للذي يتبعه الشرق الأوسط منذ عقود، مستفيدة بذلك من إمدادات الغاز الطبيعي المحلية واستغلالها لبناء القدرات بما يخدم النمو الخارجي.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة عليها أن تقطع شوطاً طويلاً قبل أن تستطيع منافسة الشرق الأوسط، إلا أن التغيير في صناعتنا لا يُقاس عادةً بالسنوات والعقود، وذلك ما أثبتته التقلبات الأخيرة في سوق النفط، لذا يمكن لاقتصاديات البتروكيماويات أن تشهد تحوّلاً جذرياً في غضون عدة أشهر فقط».
وتوقّع تشابمان استمرار التوقعات الإيجابية على المدى البعيد، إذ أنه من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي بمعدل 4 في المائة خلال السنوات العشر المقبلة.
ويأتي ثلثي هذا الطلب من بلدان لا تنتمي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ولا سيما الصين والهند.
وتابع: «ما الذي يحرك هذا الطلب إذاً؟ الحقيقة هو أن البلاستيك والمنتجات البتروكيماوية الأخرى أصبحا جزءاً لا يتجزأ من مستويات المعيشة الحديثة، ولحسن الحظ، فإن العالم على وشك أن يشهد أكبر ارتفاع جماعي لمستويات المعيشة في التاريخ، وهذا وقت مناسب جداً لنصبح جزءاً من صناعة البتروكيماويات، فكل منّا يؤدي دوراً رئيساً في ابتكار حياة أفضل لمليارات البشر، وفي صناعة المنتجات التي تساعد البشرية على التقدم، تماماً كما كنا نفعل منذ ما يزيد على مائة سنة مضت».
وبالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن يؤدي التكامل دوراً رئيساً لتحقيق إمكانات النمو هذه.
وقال تشابمان: «التكامل ليس مجرّد كلمة طنانة، بل هو في الحقيقة معرفة كيفية الاستغلال الأمثل للمواد الوسيطة، وتوسيع خبرتنا بأعمال عملائنا التجارية على الشكل الذي يكفي لتقديم الحلول الأمثل، التي تتواءم مع احتياجاتهم».