في إحدى جولاته وسفره لتلك الدول القريبة والبعيدة، ولا سيما بلاد يفضلها معظم الشباب والكبار؛ إِذْ يجدون فيها ضالتهم ومبتغى سعادتهم، فقد مكث الشاب خلالها قرابة الأسبوعين وعندما قرر العودة قام بشراء بعض الهدايا للأهل والأقرباء.
وفي المطار تعود الجميع أن يكون التفتيش عند المغادرة روتينيا عبر الجهاز لكن ما حدث هذه المرة لم يسبق أن حدث أو تعرض له، كان هناك رجل وامرأة من المفتشين طلبا منه أن يفتح الحقيبة وكان الرجل يشير بعينه بما يوحي أنه يطلب “بخشيش” مقابل عدم فتح الحقيبة وما يترتب عليها من تأخير وقد تفوته إجراءات الرحلة..
لكن ذلك الشاب رفض الخضوع لتلك المساومة الرخيصة، حيث فتح لهم حقيبة سفره وجلس بعيدا عنها حتى ينتهيا من التفتيش لكنهما تماديا في التأخير وكأنهما يفتشان بينما يهدفان أولا وأخيرا إلى إجباره على الدفع، لكنه ظل متمسكا برأيه رافضا هذا الأسلوب الرخيص الذي كان المفتشان يتعاملان به، وكلما مر عليه أحد من رفاق الرحلة وبعض المسافرين على نفس الرحلة قال له: معروف ماذا يريدان.. أعطهما “المقسوم” ولو معك في هذه الحقيبة كل شيء ممنوع، لكن الشاب عاند وأراد أن يكشف آخر هذه التفاصيل فلم يلتفت لكلامهم وظل متمسكا برأيه بعدم الدفع لهم دون وجه حق ولو ترتب على هذا الأمر مغادرته للمطار بلا حقيبة.
تظاهر المفتشان بأنهما انتهيا من التفتيش الذي كان منتهيا من البداية ومع ذلك لم يسلماه حقيبته، لكنه تجاهلهما وتوجه للكافتيريا وأخذ بعض المسليات والماء والعصير، وجلس يتأمل وهما ينظران إليه ومندهشين من هدوئه وحلمه على هؤلاء الذين يسعون إلى استفزازه بهذه الطريقة، وفي النهاية كما يقال - لا يصح إلا الصحيح - غادرا المفتشان يجران أذيال الخيبة تاركين الحقيبة، بينما هو كان سعيدا لكونه كسب الجولة بعدم الرضوخ لهما، فاستطاع الإصرار على موقفه لينتصر في النهاية عليهم مؤكِّداً انه كان مستعدا حتى لو أعلن النداء الأخير لرحلة المغادرة أن يترك حقيبته بما فيها غير نادم كون ما فيها بالإمكان شراء أفضل منه في مدينته التي جاء منها.
- محمد بن عبدالعزيز اليحيا