د. أحمد الفراج
أتابع ما يجري حول العالم، بعد إرهاب باريس الدامي، ومن الواضح أن العالم الغربي غاضب جدا، وحق له ذلك، فقد كان يتصور أنه لا يمكن أن يتمكن الإرهابيون من إصابته في عقر داره مرة أخرى ، بقوة توازي ارهاب أحداث سبتمبر، ولذا كانت الصدمة موازية للحدث الجلل، وتشعر وأنت تقرأ ملامح الرئيس الفرنسي، وأركان ادارته، وجنرالاته أنك في مواجهة أسود جريحة، وليس هناك أخطر من أسد جريح، وبالتأكيد لن يكون عالم ما بعد إرهاب باريس شبيه لما قبله، إذ ستتغير أشياء كثيرة، وسنكون نحن ضحاياها بكل تأكيد، وفي مثل هذه الأجواء المؤلمة، لا يمكن أن تغالب شعورك الإنساني بالتعاطف مع الأبرياء، أيا كان دينهم أو لونهم أو جنسيتهم، وهو ذات الشعور الذي يجعلك تتعاطف مع إخوتنا في العراق وسوريا وليبيا وماينمار وفي كل مكان، ولكن هناك من بني جلدتنا من لا يروق له ذلك!.
لقد ذهب البعض بعيدا في الشماتة بضحايا إرهاب باريس!!، بحجة أن الغرب لم يكترث بضحايا العرب والمسلمين، وعدا عن أن هذا الادعاء غير صحيح، اذ أن جهود الغرب، ومؤسسات المجتمع المدني الغربية، لا تنكر بهذا الخصوص، وآخرها موقفهم المشرف من قضية اللاجئين السوريين، فإن هذا السلوك المشين لا يستقيم مع القيم الإنسانية، والإسلامية الأصيلة، ثم كيف غاب عن هؤلاء أنهم بفرحهم بإرهاب باريس، وشماتهم من ضحاياه، يتساوون في ذات الميزان مع بشار الأسد وعصابته، والذين يفرحون ويتندرون على ضحايا قصفهم من الأبرياء بالبراميل المتفجرة؟!!، كما يتساوون مع جزاري مانيمار، والذين يشمتون بضحاياهم من المسلمين أيضا، فمن يتعاطف مع من يشبهه فقط، ويشمت بمصائب الآخر المختلف، بل ويفرح بها، هو كائن لا علاقة له بالإنسانية، ومبادئها الرفيعة، مهما ادعى ذلك، اذ هو محض فاشي، لا يقيم وزنا للنفس الإنسانية، التي حرم الله الإعتداء عليها.
لم يكتف هؤلاء المتأسلمون والقومجيين بالشماتة، بل إنهم مارسوا السخرية!!، فأحد أشهر « المضطربين نفسيا « عبر عن موهبته في الكوميديا، وهي موهبة لم نكن نعرفها، اذ قال إن الليبراليين السعوديين يعتقدون أنه متوحش، وذلك لأنه شمت بضحايا ارهاب باريس!!، والليبراليون الذين يتحدث عنهم هذا الشامت هم كل من تعاطف مع ضحايا الإرهاب!!، وقد قال ذلك وهو يعرف حجم تعاطف المملكة العربية السعودية، حكاما وشعبا، مع مصاب باريس!!، ثم هناك القومجي سابقا، والحزبي الناقم حاليا، والذي برأ كل أحد من تهمة الإرهاب، وقال إن الإرهاب تمت صناعته من قبل أمريكا وبعض الدول العربية، ونعرف كلنا من يقصد هذا المتذاكي بالدول العربية، ثم أختم بالخارجي الشهير، والذي صرح بأن كل من تعاطف مع ضحايا ارهاب باريس فهو منافق!!، ومع أنه قال هذه العبارة صراحة، إلا أنه حاول التذاكي في إعلان تأييده لإرهاب باريس، وتنظيم داعش، ونحن والحالة هذه، نقول إن علاج الإرهاب يجب أن يحاكي ما رواه المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية، عام 1988، الحاكم مايكل دوكاكيس، والذي كان يردد أن والده الطبيب الشهير كان يقول:» اذا أردت القضاء على المرض فلا تسأل المريض عن الأعراض المصاحبة له، بل اطلب من المريض أن يشير لك إلى موقع الألم، ثم اقضي عليه!!.»، فلعل العالم يتوقف عن علاج الأعراض المصاحبة للإرهاب، ويحاول الوصول لجذوره، ويقضي عليها، فهل تراه يفعل ذلك بعد إرهاب باريس ؟!. الإجابة ستبديها قادم الأيام.