تونس - فرح التومي:
باتت الأرياف المحيطة بجبل المغيلة الحدودي بين محافظتي سيدي بزيد والقصرين الواقعتين بالجنوب الغربي للبلاد التونسية مسرحاً لعمليات إرهابية مختلفة بعد العملية الأولى التي راح ضحيتها راع صغير على أيدي جماعة مسلحة السبت، حيث أقدمت عناصر ملثمة على ترهيب عائلة بأسرها داهمت محل سكناها، واستولت على مؤونتها الغذائية وعنفت رب البيت وحاولت اختطافه إلا أنه تمكن من الإفلات منها، وذلك لسويعات قليلة إثر اعتراض سبيل تلميذة صغيرة في طريق عودتها من المدرسة الريفية ومحاولة إرشائها لتقدم للمجموعة المسلحة معلومات عن سكان الأرياف. وفيما تواصل المروحيات العسكرية وفيالق من الجيش عمليات تمشيط واسعة للجبل بغية إلقاء القبض على الإرهابيين، حيث توفقت إلى قتل أحدهم وجرح عدد آخر، يسيطر الخوف على كافة العائلات القاطنة بالأرياف المحيطة بجبل المغيلة التي باتت تفكر في الرحيل عن قراها، مما يعتبر نجاحاً للجماعات المتطرفة التي تسعى إلى إفراغ هذه القرى من ساكنيها بغية استغلالها للتوسع ونشر نفوذها الذي لا يزال في حدود الجبال والمرتفعات.
وفي هذا السياق أكد الدكتور سامي براهم الباحث والخبير في الجماعات الجهادية بأن الجماعات الإرهابية المتحصّنة بالجبال تهدف إلى إفراغ المناطق المحيطة بالجبال التي تتمركز بها هذه العناصر، بغاية شلّ أي تعاون ممكن بين السكّان وقوات الأمن والجيش، وإخضاع الساكنين لسطوتهم بإخافتهم وإخضاعهم.
والثابت أن عملية ذبح الراعي الصغير السبت في جبل المغيلة لم تكشف عن الوجه الوحشي والبربري للجماعات الإرهابية فقط، بل كشفت أيضاً عن غياب إستراتيجية واضحة لحماية ساكني التجمّعات المتاخمة لسفوح الجبال. فالجماعات المتوحّشة التي لم تتوان عن فصل رأس صبي لم يتجاوز ربيعه السادس عشر ونحره بطريقة بشعة وإرسال رأسه المقطوعة إلى عائلته مع صديقه الذي كان يرعى بصحبته قطيعاً صغيراً من الماعز، وحكمت عليه بالموت البطيء لا سيما وأن حالته النفسية تدهورت بشكل حرج، وهو اليوم على وشك أن يفقد مداركه وعقله من هول ما رأى.
وكانت نفس المجموعة المسلحة وبتاريخ 13 أكتوبر خطفت شاباً آخر كان يرعى قطيعه بسفح جبل سمامة رفقة أحد أقاربه، المجموعة نفّذت حكم الإعدام في الشهيد رمياً بالرصاص وأطلقت سراح قريبه. وكان وزير الداخلية محمد ناجم الغرسلي أكد أمس أنه بفضل العملية الأمنية الناجحة التي لا تزال متواصلة بمحافظة سوسة تم تجنيب البلاد كارثة، قائلاً: «ما كان سيحدث في سوسة هو مخطط كارثي بأتم معنى الكلمة»، موضحاً أن عملية سوسة نجحت بفضل تضافر الجهود واليقظة لوحدات الأمن والكشف عن خلية إرهابية خطيرة بالجهة نتيجة عمل استخباراتي مبني على مجموعة من المعطيات الاستعلاماتية، مفضلاً عدم الخوض في التفاصيل بما أن العملية لا تزال جارية. وعما إذا كان يمكن الجزم بأن مخطط سوسة كان سيكون متزامناً مع أحداث باريس الإرهابية، قال الوزير إنه لا يمكن التأكيد على ذلك إذ إنه لا يوجد إلى حد الآن دليل قاطع، مستدركاً أن المخطط الإرهابي الذي كان سيحدث في سوسة في حجم ما حصل في العاصمة الفرنسية باريس. أما عن عدد العناصر الإرهابية التي تم إيقافها إلى حد الآن ضمن الخلية المذكورة، فاكتفى الغرسلي بالقول إنه تم إلقاء القبض على مجموعة هامة من الضالعين، مشيراً إلى أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين معسكر صبراتة بليبيا والمجموعات الإرهابية في تونس.