خالد العطاالله ">
في الماضي البعيد وأنا أقرأ عبر الصحف (داود الجميل) يسبقها (الزلفي) وكنت حينها لا أعرف هذا الجميل بروحه، والداود (في نظر الناس)، حتى اكتشفت بعد سنين طويلة أن أسمه قد اختصر شخصيته، فهو محبوب كما هو معنى داود، وهو جميل في أخلاقه وتعامله، ومُخلص في عمله، ومتفاني في ما يُطلب منه.
تعاملت معه فترة تواجدي في بعض اللجان الإعلامية والتي ترتبط مع بعض الصحف الرسمية، فوجدت شخصية تتعامل معك باحترام وتقدير وعدم فوقيه رغم الفارق العُمري والعلمي الشاسع، فعندما تتعامل مع غيره تعرف جيداً من هو داود، نعم تعرف حينها أن الناس ليسوا سواسية.
بعد فترة من العلاقة السطحية تعاملت معه مباشرة عبر الجزيرة اكتشفت أنه فعلاً إنسان بمعنى الكلمة، خلوق وكأنه أحد إخوتك، بشوش وكأنه يعرفك من سنوات، راقٍ في تعامله، وحضاري في تصرفاته.
عندما أراد تقديم استقالته حاولت مراراً وتكراراً أن أثنيه عن قراره، فالعمل معه متعة، وزمالته زيادة خبرة، والتواصل معه فايدة لا تقدر بثمن، ولكن قراره كان أقوى من محاولتي البائسة التي باءت بالفشل، فخسرنا شخصاً كُل يوم ننهل منه الجديد، وكُل لحظة نأخذ منه المفيد، لكن هذه الحياة فلكل شيء نهاية، ولكل مخلوق طاقة محددة، فرغبته في الراحة بعد السنين الطويلة تفوق بمراحل رغبتنا ببقائه بيننا، فقد خسرته كزميل وكسبته كصديق وأستاذ استفدت منه أشياء لن أنساها ما حييت.
(داود الجميل) اسم خدم وطنه من خلال محافظته سنوات طويلة لم ينتظر في لحظة ما تكريماً من أحد، أو كلمة شكر من جهة.. قال لي في بداية عملي (اعمل ولا تنتظر الشكر، فإن انتظرت الشكر فلن تعمل) كلمات قصيرة تختصر الزمن، جملة واحدة عن ألف نصيحة، هذا هو الزميل الكبير عرفته موجهاً، وتركته ناصحاً.
(داود الجميل) اسم تنظر له محافظة الزلفي نظرة فخر فهو أحد أعمدة إعلامها البارزين والصادقين والمتفانين والمخلصين.
(داود الجميل) اسم تردد كثيراً بأجمل العبارات، ولم تكن له زلة أو نقطة سوداء تشوه تاريخه الناصع البياض.
(داود الجميل) اسم نال محبة الناس بسبب تعامله الصادق، واحترامهم بسبب صدقه الكبير.
ودعناه في عالم الصحافة والإعلام وسيبقى أخاً وناصحاً وموجهاً ومُرشداً بقية حياته. وفقه الله في حياته الخاصة وأمد الله في عمره وحفظه لأهله ومحبيه، فهذا هو حال الحياة.
- الزلفي