محمد عبدالله بن فايز ">
وفقاً لمقاصد ومبادئ الإسلام القويم وما يوافقه من القانون الدولي، واستشعاراً لمسؤولياتها وقدراتها الكبيرة ودورها القيادي عربياً وإسلامياً حددت المملكة العربية السعودية رؤيتها وغاياتها العليا وأسس سياستها، ومن أهمها (التعاون والتضامن القوي مع الدول العربية والإسلامية لتحقيق وحماية أمنها ومصالحها المشتركة) إدراكاً من المملكة أن التعاون عامل قوة أساسي وضرورة لها ولتلك الدول خاصة المتجاورة منها التي يُعدامنها ومصالحها العليا كل لا يتجزأ.. وعلى هذا الأساس دأبت المملكة على دعم من تعرض من تلك الدول لظروف حرجة خاصة «12» دولة عربية وإسلامية المذكورة لاحقاً، حيث كانت المملكة ولا زالت، أكبر مصدر في العالم قَدَّمَ أهم وأكبر أنواع الدعم الحاسم لتلك الدول لمقاومة العدوان والأخطار والأزمات الشديدة التي واجهتها، وتُقدر قيمة الدعم المادي السعودي لتلك الدول بمبلغ «300» مليار دولار خلال «50» عاماً الماضية، وبفضل ذلك الدعم تحَقَّقَ لها مكاسب حيوية بعيدة المدى وواسعة النطاق.
وهُنا خلاصة دقيقة تُثبتها الحقائق ويعرفُها أجيال عايشوها من مسؤولي ومواطني الدول المدعومة عن الأدوار السعودية الحاسمة الداعمة لتلك الدول في أحلك ظروفها:
أولاً: منذ احتلال اليهود الأعداء لفلسطين (عام 1948م) وأثناء عدوانهم المتكرر على الدول المجاورة واحتلال بعض أراضيها، قدمت المملكة ولا زالت، أهم أنواع الدعم المتتابع للشعب الفلسطيني ولمصر والأردن وسوريا ولبنان، لتمكينها من مقاومة العدوان اليهودي وتحرير (سيناء وجنوب لبنان وقطاع غزة)، وقد تَرَكَّزَ الدعم السعودي لهذه الدول على (حشد مختلف أنواع الدعم عربياً وإسلامياً ودولياً ضد العدوان، تمويل شراء صفقات كبيرة متعددة من الطائرات والأسلحة للدول المعنية ومنها ما تم بعد هزيمتها في حرب عام 1967م، مما مَكَّنَ مصر وسوريا من المبادرة عاجلاً من شن حرب استنزاف فعالة جداً ضد إسرائيل ثم تحقيق نصر كبير عليها في حرب عام 1973م، وحينها أعلن الملك فيصل -رحمه الله- وقف تصدير البترول لأمريكا لدعمها إسرائيل في تلك الحرب مشاركة محورية لقوات سعودية كبيرة «قرابة فرقة آلية» في الدفاع عن سوريا لمدة ثلاثة أعوام، وعن الأردن لمدة عشرة أعوام قبل 40 عام، المساهمة الحاسمة لحل صراعات داخلية خطيرة بالدول المذكورة مثل «إنهاء الاقتتال بين الأردن ومنظمات فلسطينية عام 1970م، إنهاء الحرب الأهلية اللبنانيةعام 1990م بموجب اتفاق الطائف»، الدعم المالي والبترولي السخي المتكرر أثناء الأزمات، المساهمة في إنشاء كثير من المشاريع التنموية الكبيرة، تسهيل العمل بالمملكة لقرابة «2» مليون من مواطني تلك الدول ومنهم المستثمرين ويُقدر دخلهم سنوياً بنحو «20» مليار دولار يُحَوَّلُ معظمه لبلدانهم، الدعم السخي مالياً وعينياً من الشعب السعودي لشعوب تلك الدول في الظروف الصعبة).
ثانياً: هناك روابط ومصالح حيوية بين المملكة وباكستان، وتقديراً لظروفها الحرجة في العقود الماضية، دأبت واستمرت المملكة تدعم باكستان دعماً سياسياً قوياً ومالياً واقتصادياً ضخماً خاصة أثناء عقدي السبعينات والثمانينات الماضيين، وأسهم ذلك الدعم الحاسم في تحقيق مكاسب عظيمة للباكستان أبرزها (إعانتها للنهوض عاجلاً من الهزيمة القاسية وإعادة بناء قواتها وأهم منشآتها الاقتصادية والعسكرية التي تعرضت لأفدح الخسائر جراء الحرب مع الهند عام 1971م، تعزيز قدرتها -في عقد الثمانينات- لدعم الأفغان لدحر المحتل السوفييتي الذي هدد أمن باكستان ومنطقة الخليج القدرة على تصنيع السلاح النووي والصواريخ الإستراتيجية لردع الأعداء، إنشاء مشاريع اقتصادية جديدة عملاقة، حل أزماتها السياسية والاقتصادية الحرجة، تسهيل فرصة العمل لنحو «1.5» مليون باكستاني للعمل بالمملكة، ويقدر دخلهم سنوياً بـ «15» مليار دولار يحول معظمه لبلدهم).
ثالثاً: قدمت المملكة وحليفاها باكستان وأمريكا -طوال عقد الثمانينات الماضي- للشعب الأفغاني دعماً شاملاً وهائلاً حتى تمكن الأفغان من التحرر من الاحتلال السوفييتي، وبعد التحرير بذلت المملكة جهداً مضنياً للمصالحة بين الأفغان وإرساء دعائم النظام السياسي وقدمت لهم دعماً مالياً كبيراً لإعادة بناء المرافق الحيوية.
رابعاً: قدمت المملكة للعراق، أهم وأكثر أنواع العون طوال مدة الحرب العراقية الإيرانية «1980 - 1988م»، لمنع إيران من اجتياح العراق، وشمل الدعم السعودي للعراق (حشد دعم سياسي قوي للغاية عربياً ودولياً لصالحه، تمويل شراء صفقات ضخمة من الطائرات والأسلحة، إمدادات وتسهيلات عسكرية وبترولية وتجارية هائلة)، مما مَكَّنَ العراق من هزيمة إيران ودحر خطرها فترة طويلة عن العراق والمنطقة.
خامساً: احتل العراق الكويت في أغسطس عام 1990م، وسخرت المملكة إمكانياتها الهائلة لتحريرها بالتعاون مع حلفاء المملكة (الولايات المتحدة وبريطانيا ومصر وغيرها)، وتم تحرير الكويت -بفضل الله- مطلع عام 1991م، وواصلت المملكة دعمها الكامل للكويت «فترة كافية» بعد التحرير لتعزيز سيادتها وأمنها.
سادساً: تُجاهر إيران بعدائها للبحرين منذ فترة بعيدة، وزرعت فيها خلايا عميلة تدعمها بقوة لإثارة الفتنة بين شعبهم والتخريب في وطنهم، ولذلك دأبت المملكة على دعمها دعماً قوياً شاملاً ومستمراً للتصدي لخطر إيران وعملائها والذي بلغ مرحلة خطيرة للغاية عامي 2011- 2010م»، وأكدت المملكة حينها عزمها الدفاع عن البحرين بكل قدراتها وأرسلت لها قوة سعودية كبيرة لتحصين أمنها ضد ذلك الخطر.
سابعاً: تلبية لاستغاثة الإئتلاف الوطني الممثل لأغلبية الشعب السوري، قدمت المملكة للمقاومة السورية المعتدلة -طوال الأعوام الخمسة الماضية- دعماً قوياً لمقاومة ودحر عدوان النظام الطائفي السوري وشركائه في العدوان: (روسيا وإيران وعملاؤها من لبنان والعراق)، والذي أدى لمآس وخسائر فادحة بحق أغلبية السوريين (قتل وإصابة وتعذيب قرابة مليون منهم، ولجوء، وهجرة نحو «11» مليون سوري داخل وخارج سوريا، تدمير هائل للبُنى التحتية وللممتلكات تُقدر تكلفتها بـ»250» مليار دولار). وبفضل الله ثم بفضل الدعم القوي من المملكة وغيرها، حققت المقاومة السورية انتصارات كبيرة بتحرير»75 %»من سوريا، مما يُبَشِّر بقرب تحقيق النصر الكامل المنشود بإذن الله.
ثامناً: تقديراً للروابط العميقة والمصالح الحيوية المشتركة بين البلدين، دأبت المملكة على تقديم دعم وافر لليمن خاصة في الأربعين عاماً الماضية للتغلب على ظروفه الصعبة المستمرة، ومن ذلك الدعم (عون مالي سخي متتالي يقدر بنحو «15»مليار دولار لدعم الميزانيات السنوية ولتنفيذ كثير من مشاريع التعليم والطرق والصحة، تسهيل فرص العمل لـ»2»مليون يمني ومنهم المستثمرون ويُقدر دخلهم سنوياً بـ»20» مليار دولار يُحَوَّل معظمه لليمن، المساهمة الأساسية عام 2011م، بإيجاد تسوية لثورة اليمنيين على الرئيس السابق علي صالح لظلمه وفساده واستخدامه القوة لإخضاع شعبه، وجنبت تلك التسوية اليمن الحرب الأهلية، ومكنت اليمنيون من انتخاب عبد ربه هادي رئيساً لليمن).
تاسعاً: تقوم المملكة -منذ سبعة أشهر- بتقديم دعم كامل وهائل وتقود تحالف عربي قوي مدعوم إسلامياً ودولياً لإنقاذ الشعب اليمني ومقدراته من عدوان الحوثيين وشركائهم المدعومين من إيران. وبفضل الله ثم بفضل الموقف الحاسم والدعم الهائل من المملكة لليمن وبمشاركة فعالة من دول التحالف العربي خاصة من دولة الإمارات، تحقق لليمن في الأشهر الماضية انتصارات حاسمة تم فيهاتحرير نحو»70 %» من المناطق اليمنية الحيوية من سيطرة الإنقلابيين، وأصبح النصر الكامل قريباً بإذن الله بخلاص اليمن من خطر ميليشيا الحوثيين وشركائهم الذين خانوا شعبهم ووطنهم بعمالتهم لإيران الفارسية.
الخلاصة والرأي:
1- قامت المملكة -بزعامة قادتها الراحلين -رحمهم الله- والملك سلمان -حفظه الله وأيده- بأهم وأكبر الأدوار الحاسمة للدفاع عن «12» دولة من الدول العربية والإسلامية ودحر العدوان والأخطار عنها ودعمها للنهوض وإعادة بناء ما دُمر من قواتها ومنشآتها الحيوية وحل أزماتها السياسية والاقتصادية الحرجة، ويُقدر إجمالي قيمة الدعم المادي السعودي لتلك الدول خلال «50» عاماً الماضية بـ»300» مليار دولار إضافة لحوالي «200» مليار دولار من حوالات «6» ملايين من مواطنيها العاملين بالمملكة.
2- يُمثل النظام الفارسي الحاكم لإيران في المرحلة الراهنة، أخطر مصدر مُتسبب ومشارك في الأخطار والمآسي والخسائر الشديدة التي حَلَّت بمجموعة من الدول العربية، لقيام إيران بأعمال مُجَرَّمَة دينياً ودولياً ضد تلك الدول، ومن ذلك (إنشاء ودعم منظمات وميليشيات وخلايا طائفية مُتطرفة بالعراق وسوريا ولبنان واليمن وبعض دول الخليج؛ يُقدر العاملين فيها حالياً بـ»250» ألف فرد وعدد مُقارب لهم من الداعمين، تخصيص جهات إيرانية لدعمهم دعماً شاملاً ومستمراً خُفية وعلناً بالمال والتدريب والسلاح والمتفجرات والخبراء والمقاتلين الإيرانيين والمرتزقة من دول مجاورة، إيقاد الفتن والحروب الطائفية في أربع دول عربية مما أدى لأفدح الخسائر فيها، ومن ذلك (تمزيق وحدتها وأمنها، قتل وإعاقة وإصابة وتعذيب قرابة مليون مواطن ولجوء وتهجير «15»مليون مواطن، دمار هائل للممتلكات العامة والخاصة تُقدر قيمتها بـ»400» مليار دولار)، إضافة لخطر إيران وعملائها البالغ المُتربص بثلاث دول أخرى (البحرين والكويت والسعودية)، وكل ذلك بدافع من الأحقاد والأطماع الفارسية الصفوية.
3- تقوم المملكة بقيادة الملك سلمان -أيده الله-، بجهود مكثفة مُسددة حَقَّقَت نجاحات كبيرة جداً بالتحالف مع الأشقاء لدرء ودحر الأخطار عن المملكة والدول الشقيقة المتضررة للغاية من خطر إيران وعملائها، ونظراً لأن التحديات الراهنة بالغة الخطورة والتعقيد وواسعة النطاق، فإن ذلك يحتاج إلى تقييم عميق متكامل للإستراتيجية والخطط والقدرات الموجهة للدفاع عن المملكة وأشقائها، وذلك بهدف تطويرها وتقويتها لأقصى ما يمكن للوصول لحلول حاسمة وعادلة تكف خطر إيران وعملائها عن دول المنطقة، ومما نرى أهميته البالغة في هذا الشأن ما يلي (مضاعفة الجهود والقدرات لتحقيق نهاية حاسمة عاجلة للحرب باليمن تجنباً لمحاذير إطالة أمدها، إعطاء أولوية قصوى لتعزيز وتطوير قدرات قواتنا وصناعاتنا العسكرية بما يتناسب مع الأخطار الشديدة الموجهة للمملكة، تطوير إستراتيجية وخطة وطنية مُحكمة لتقوية الجبهة الداخلية وتفعيل الضروري منها بالمناطق المحتاجة، سرعة تشكيل وتفعيل القوة العربية المشتركة وضرورة تقويتها بعلاقة تحالفية مع مجموعة من أبرز الدول الإسلامية والصديقة).