الاستثناءات ستضعف جدوى قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء ">
الجزيرة - بندر الايداء:
فيما يصوت مجلس الشورى اليوم على قرار فرض رسوم عى الأراضي البيضاء طغى صوت المؤيدين بشكل ملموس من خلال ما تم تداوله في الأوساط الإعلامية ويرى مختصون تحدثوا لـ»الجزيرة» أن الرسوم في حال إجازتها يجب ألا تستثنى نوعًا من الأراضي البيضاء. وقال المحلل الاقتصادي محمد العنقري إن الحديث عن استثناء أراضي المخططات التي لم تبع للمواطنين للبناء عليها مردود فلا بد أن يشمل القرار حتى أراضي المخططات المطورة وإلا سيكون تطبيق الرسوم غير مجدٍ.
وأضاف: ما زالت الآراء متباينة بين من يرى في الرسوم حلاً جذريًا لمعالجة ملف الإسكان ويمثلون السواد الأكبر وبين من لا يرى فيها أي تأثير سريع بحلول الملف بل يرون أن لها آثارًا سلبية متعددة.
وفند العنقري الرأي الذي يقول: إن المستفيد الأخير سيتحمل تكاليف الرسوم لأنها قد تضاف لسعر المتر في السوق ويرى أن هذا الرأي مخالف للواقع حيث إن مبدأ ارتفاع الأسعار أساس لم يكن بسبب أي تكاليف أو رسوم أو ضرائب على الأرض، بل كان بسبب احتكارها لسنوات طويلة دون أي إجراء يمنع ذلك ويفرض تطويرها لتتداول وتتحول لمنتج عقاري سكني أو تجاري أما السبب الآخر فهو المضاربات إِذ إن ارتفاع أسعار الأراضي لعدة أضعاف في ظرف سنوات قليلة لا تتعدى السنوات العشر لا يمكن أن يعكس كله قيمة استثمارية وفق معايير الاستثمار التي تأخذ بعين الاعتبار القواعد والنظريات التي يبنى عليها قرار الاستثمار المتعارف عليها عالميًا بكل أنواع القنوات الاستثمارية فالارتفاعات تحققت بسبب ظروف لا تعتبر أساسًا لقياس الفرص الاستثمارية مقارنة بحجم ارتفاع الأسعار فقد تخطت الارتفاعات أي قيمة تحفظ قيمة الأصول على المدى المتوسط والبعيد كالعائد المتوقع من التأجير والمقارنة أيضًا مع أسعار الفائدة المستقبلية التي يتوقع أن تبدأ بالارتفاع من هذا العام ففرض الرسوم إذا ليس سببًا في الارتفاعات السابقة وسيقلب المعادلة من خلال أن التكاليف على مالك الأرض خصوصًا للمساحات الكبيرة ستزيد من حركة البيع والتخارج لصالح البحث عن التطوير وبالتالي زيادة العرض وإذا كانت الرسوم سترفع الأسعار فلماذا يعتبرها من يرى ذلك من بعض تجار العقار أو العاملين في القطاع سلبية فهم لن يتضرروا بهذه الحالة كما يتصورون لتأثيرها بالسوق وهو ما يثير علامة استغراب كبيرة.
وأضاف العنقري: الرأي الأكثر غرابة هو ما يتردد عن أن هبوط الأسعار الحاد بالعقار والأراضي تحديدًا قد يتسبب بكارثة أو أزمة اقتصادية وهنا لا بد من التذكير بأن انخفاض الأسعار الحاد للسلع والأصول هو نتيجة لارتفاعها الكبير جدًا فسبب انهيار سوق الأسهم في 2006 م كان بسبب الارتفاعات التي ولدت الفقاعة فكارثة السوق المالي لم تكن بسبب الانخفاضات القاسية بل ردة فعل للارتفاعات بأسعار الأسهم، فالمشكلة إذا بأسباب ساهمت بوصول أسعار الأسهم لمستويات غير مسبوقة فقدت معها قيمتها الاستثمارية وبالتالي إذا لم تتوقف ارتفاعات أسعار العقار التي تمثل الأراضي السبب الرئيس فيها فإن تكرار ما حدث بسوق الأسهم يصبح واردًا بوقوع الكارثة الاقتصادية ولذلك تعد المعالجات الحالية ومن أهمها فرض الرسوم تحصين من الوصول للكارثة أو الأزمة الاقتصادية - لا سمح الله- خصوصًا أن التمويل العقاري لم يتوسع إلى الحجم الذي يشكل خطرًا على النظام المالي في المملكة فهو لايزال في مستويات تشكل حوالي 12 في المائة من حجم سوق التمويل بمختلف أنواعه.
وتابع العنقري: موافقة مجلس الوزراء على توصية مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بفرض رسوم على الأراضي البيضاء لم تكن إلا بعد دراسات اكتملت عناصرها المبررة لفرض الرسوم واعتمد فيها على جهات عالمية المستوى أخذت بعين الاعتبار الإيجابيات والسلبيات حتى توصلت إلى الاتجاه الصحيح حول طرق تصحيح وتنظيم القطاع العقاري لكي يصبح صناعة متكاملة ويعد فرض الرسوم عمودها الفقري الذي ستكتمل حلقاته مع بقية الأنظمة المنتظرة المكملة لتحفيز السوق العقارية لتكون ركيزة أساسية في التنمية من حيث حل ملف السكن وجذب الاستثمارات ورفع نسبة مساهمة قطاعات الصناعة والخدمات بالاقتصاد وتوفير فرص عمل جيدة التي بمجملها ستنعكس إيجابًا على الاقتصاد والمجتمع عمومًا.
من جهته قال المستثمر تركي بن عبدالله اليحيى بداية يجب أن نتفق على أن هناك أزمة إسكانية وعليه فإن الكثير من المواطنين لا يستطيعون شراء سكن وذلك بسبب الغلاء، وأضاف: لن أتكلم عن المنظور الشرعي لفرض الرسوم والكلام لهيئة كبار العلماء ولكن سأتناول الموضوع بحكم أني ممارس للمهنة وبالتالي أرى أن فرض الرسوم «سيزيد الطين بلة» ولن يكون حلاً لأزمة الإسكان ولنا في رسوم كرت العمالة الـ(2500) ريال خير مثال فعندما فرض هذا الملبلغ زادت أجور العمالة بشكل طردي وفوري، وبالتالي فإن تطبيق التجربة على الأراضي يعني نقل الاشكالية إلى قطاع آخر ففرض الرسوم سيزيد التعقيد على ملاك الأراضي والمطورين من خلال أنظمة التخطيط وإجراءاتها المعقدة ومن خلال النسب الكبيرة المتقطعة للخدمات وتساءل اليحيى قائلاً: لماذا لا نضع أيدينا بأيدي هؤلاء الملاك والمطورين ونعطيهم إجراءات ومزايا لتطوير أراضيهم وضخها للسوق بدلاً من تعقيدهم. ولماذا نجعل منهم سببًا للأزمة وتناسينا أنهم خلال الـ35سنة الماضيه شيدوا 70 في المائة من البنية التحتية لأكثر المدن الرئيسة عكس ذلك تمامًا نعرف الكثير من التجار استثماراتهم كلها خارج الوطن ولم يقدموا للوطن ولا المواطن أي قيمة مضافة فهل يستوون؟ وأضاف: بعض الناس ينظر إلى الأراضي البيضاء وخصوصًا داخل الرياض مثلاً ولا يعرف أن أكثرها عليه مشكلات حدود بين مجاورين أو ورثه ولم يتم البت في بيعها من المحكمة أو مشكلات قانونية مع دوائر حكومية أخرى فليست كلها جاهزة للبيع، ورأى اليحيى أن الرسوم في حال فرضها سيكون لها أثر واضح في نزول الأسعار على المدى القصير ومن ثم ترتفع الأسعار مرة أخرى ولنا أن نتخيل حجم الأراضي المرهونة للبنوك ومدى تأثيرها حال تسييلها وقت الانخفاض وأثر ذلك على الاقتصاد بشكل عام.
وحول مقترحاته لحل أزمة السكن قال: تشجيع المطورين من خلال تبسيط إجراءات التخطيط واعتمادها بحيث لا تتعدى شهر واحد فقط وكذلك وضع خيارات أمام المواطن بمساحات مختلفة فالمستطيع يأخذ أكثر من قطعة ومحدود الدخل يأخذ قطعة واحدة صغيرة، ومن الحلول أيضًا السماح باعتماد المخطط النهائي للأرض الخام بعد السفلتة فقط وبدون الخدمات الإضافية كالإنارة والصرف وغيرها التي تزيد في السعر ويتحملها المستهلك النهائي وهو المواطن فضلاً عن اختصار الوقت والجهد.
ودعا اليحيى إلى ضرورة تعاون وزارة الإسكان مع المطورين ودعمهم لتطوير الأراضي بدفع جزء من قيمة الأرض ليبني عليها فلل خاصة للإسكان حسب مواصفات وإشراف الوزارة.
وتابع: توجد أراض حكومية تابعة لوزارة الشؤون البلدية والقروية بالمدن الكبيرة لو أعطي المطورون هذه الأراضي لتطويرها مقابل أخذ جزء منها لهم فإننا بذلك نحصل على المطلوب وبدون تكلفة على وزارة الإسكان ونكون قد شاركنا القطاع الخاص وعملنا على ضخ وحدات سكنية كثيرة وبالتالي يزداد العرض ويقل الطلب وتنزل الأسعار وتكون في المستوى المعقول وهذا هو المطلوب.
ومن الحلول أيضًا أن تعمل الجمعيات الخيرية والشركات العائلية على طرح خطط جادة وطارئة بدلاً من دفع إيجار للعائلات يحاولون إنشاء سكن ملك لهم ولو تدريجيًا حتى تستقر العائلة.