قطاع التعدين يعيش عصره الذهبي بعد استكمال تشريعاته وبناه التحتية ">
الظهران - سلمان الشثري:
رعى صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز أمير المنطقة الشرقية أمس حفل افتتاح المؤتمر العربي الدولي «عربال»، بحضور وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي وعدد من المسؤولين ورؤساء الشركات المشاركة في «عربال 2015».
ورحب سموه خلال كلمته بالمشاركين في المؤتمر متمنياً أن يحمل مخرجات ورؤى جديدة، تمضي بصناعة التعدين إلى فضاءات أرحب وتكامل أمثل؛ ليساهم في استدامة اقتصادية واجتماعية وبيئية للعالم أجمع. وقال إن المؤتمر الذي تستضيفه المملكة لأول مرة يتزامن مع النهضة الذهبية لقطاع التعدين، وذلك بعد أن تم استكمال تشريعاته وتنظيماته وبناه التحتية؛ إذ إنه بقيام صناعة تعدينية تنافسية أصبحت اليوم الركيزة الثالثة للصناعة السعودية. وإننا لسنا بعيدين بالزمان أو المكان عن بدايات الركيزة الأولى، نعمة النفط والغاز، التي أشرف المؤسس الملك عبد العزيز ـ طيب الله ثراه ـ بنفسه على بداياتها ونهضتها حتى أصبحت المملكة المزود الأول والآمن للطاقة في العالم، ثم سار على نهجه أبناؤه البررة من بعده (الملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد والملك عبد الله ـ رحمهم الله ـ)، حتى هذا العهد الزاهر، عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـ حفظه الله ـ، فاستشرفوا خيرات الصناعات البتروكيماوية كركيزة ثانية. كما حقق قطاع التعدين قفزات تنموية مباركة، كتلك التي في رأس الخير، بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - رحمه الله -. ولم تكن لتتحقق لولا الرؤية التنموية والتوجيهات السديدة والدعم المستمر من قيادتنا الرشيدة. وأضاف الأمير سعود بن نايف: مع ما تشهده المملكة اليوم في صناعة الألمنيوم خاصة، وصناعات التعدين عامة، من تذليل لصعاب هندسية وإنشائية، ومن تطوير لمواهب فنية وطنية، ومن مخرجات اقتصادية مستدامة، فإننا أمام خير برهان على نهضة تنموية قادمة، وركيزة صناعية ثالثة، تسهم - بإذن الله - في تنويع مصادر الدخل الوطني، وتعزيز إمدادات أسواق العالم بسلع تعدينية واعدة، وبجودة عالية.
وتجول سموه في المعرض المصاحب للمؤتمر، واطلع على الأجنحة المشاركة، ثم أخذ مكانه في المنصة الرئيسية ليتم إعلان انطلاق فعاليات المؤتمر الذي تستضيفه «معادن» لأول مرة في تاريخ المملكة منذ إنشاء عربال في 1983م.
من جانبه، رحب المهندس علي النعيمي بسمو أمير الشرقية مثمناً رعايته وافتتاحه أعمال المؤتمر، الذي وصفه بأنه يأتي في وقت قطعت فيه صناعة الألمنيوم شوطاً كبيراً؛ لتكون إضافة نوعية في معطيات التنمية للدول المنتجة، وقيمة مضافة في اقتصاداتها، فضلاً عن كونه يأتي تزامناً مع ما تحقق وطنياً، من إنشاء صناعة ألمنيوم متكاملة، من المنجم وصولاً إلى المنتج النهائي في مصانع الدرفلة، إضافة إلى مراحل إعادة التدوير، في إطار الخطوات التي اتخذتها المملكة نحو تعزيز صناعة مستقبلية للألمنيوم، ليس بشقها الأساسي فحسب، وإنما في صناعاتها التحويلية أيضاً. وأشار النعيمي إلى أن لصناعة الألمنيوم أهمية خاصة في منظومة التنمية الوطنية، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من سياسة الدولة في إيجاد صناعات تُسهم في التنويع الاقتصادي، وتعزيز مصادر الدخل الوطني، موضحاً أن هذه الجهود أسهمت في إحداث تحولات واضحة في منظومتها الاقتصادية، تنامى على إثرها دور قطاع التعدين الذي أصبح اليوم عنصراً مهمًّا في التنمية. فتاريخيًّا، بدأت أعمال التعدين والمناجم في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - يرحمه الله - باستثمار منجم مهد الذهب عام 1939م، وكان ذلك بهدف إيجاد مقومات اقتصادية، تسهم في تأسيس الدولة وبنائها، تمهيدًا لمسيرة مباركة من النمو والازدهار. كما أصدرت المملكة وأعادت إصدار نظامًا للتعدين، واستثمرت في المسح والتنقيب، الذي يشتمل على رسم الخرائط الجيولوجية، والجيوكيميائية، والجيوفيزيائية، واستكشاف المعادن وأعمال الحفر في مناطق المملكة كافة. ومن هنا جاء إنشاء الهيئة الجيولوجية السعودية.
وأضاف: نتيجة لهذه المنظومة المتكاملة من التشريعات والعمل المهني المتراكم، شهدت المملكة بناء مدن صناعية تعدينية، تأتي في مقدمتها مدينة رأس الخير، بوصفها أول مدينة تعدينية في المملكة، وثالث مدينة صناعية بعد مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين، باستثمارات تقدر بنحو 130 مليار ريال.
بجانب أن المملكة تشهد حالياً بناء مدينة وعد الشمال، أكبر مدينة صناعية بعيدًا عن السواحل، بمساحة 440 كم، وهي مدينة تتوافر لها عوامل النجاح، بوجود الموارد الطبيعية من الفوسفات، والغاز، والبنى التحتية اللازمة، مثل سكة الحديد، ومصادر الطاقة، إضافة إلى الأرصفة المخصصة في ميناء رأس الخير لتصدير منتجاتها.
وشدد النعيمي على أن ما أسهم في إنجاح خطط المملكة في الاستثمار بالتعدين هو سياسة الدولة بعيدة المدى لهذا القطاع، التي تتسم بوضوح الرؤية، الهادفة لتحقيق الاستثمار الأمثل، لثروات المملكة الطبيعية، وبتوجيهات القيادة الرشيد - حفظها الله -.
بدوره، رحب المهندس خالد المديفر الرئيس التنفيذي لمعادن برعاية الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز لهذه التظاهرة الدولية، مشيراً إلى أن «معادن» تسعد بهذه الاستضافة؛ لكونها الدورة الأولى للمؤتمر التي تقامُ في المملكةِ. وأشار إلى أن معادن، منذ طرحها للاكتتاب العام كمساهمة في 2008م، تضاعفت أنشطتُها عبر محفظة تعدينية متنوعة، شمِلت الذهبَ والنحاس والفوسفات والألمنيوم، حتى أصبحت اليوم من كبرى شركات التعدين نمواً في العالم. موضحاً أن الشركة مع شركائها استثمرت حتى الآن ما يقاربُ المئة مليار ريال، لقيادة بناءِ قطاعِ التعدين، وتعزيزِ موارده كركيزة ثالثة للصناعاتِ السعودية، في وقت نمت فيه إيرادات الشركة السنوية من 240 مليوناً في 2007م لتقارب الأحد عشر مليار ريال.
وأكد المديفر أن «معادن» تسعى إلى ما هو أكثر من ذلك، فبأعمال الشركة المنتشرة بالمناطقِ النائية تساهم بتنمية اجتماعية مستدامة للمجتمعاتِ القريبة من أعمالنا، وصناعتها الأساسية تساهم بتنمية اقتصادية، وهي كذلك تؤسسُ لصناعاتٍ تحولية وطنية، وبمنشآت الشركة المتكاملة تقود الصناعات الوطنية التعدينية إلى التنافسية العالمية.
وكان رئيس اللجنة المنظمة لمؤتمر عربال محمد النقي قد ألقى كلمة ترحيبية بسمو أمير الشرقية، شكره خلالها على رعايته المؤتمر، وقدم خلالها كلمة عن المؤتمر وأهدافه وتطلعاته المستقبلية وما يحمله من أهمية للدول الأعضاء.
وبدوره، قال المهندس خالد السالم رئيس البرنامج الوطني لتطوير التجمعات الصناعية إن المملكة حققت خلال السنوات الماضية نقلة كبرى في القطاع الصناعي غير البترولي، وبات اقتصادها يعتمد إلى درجة كبيرة على الصناعة الحديثة والتصنيع للتوجه نحو المستقبل بخطى راسخة، بما يضمن تحقيق استدامة عملية التنمية الصناعية. وأشار السالم إلى أن البرنامج يعمل على تحقيق توجهات المملكة للتوسع في صناعة منتجات الألمنيوم الأساسية والتكامل بينها وبين صناعة المنتجات الوسيطة والنهائية؛ ليفتح المجال لاستقطاب شركات عالمية في صناعة السيارات والقطع والمعدات الصناعية المستخدمة في قطاع النفط والغاز والطاقة وتحلية المياه، وغيرها من المنتجات النهائية ذات القيمة المضافة للاقتصاد السعودي. وتابع: من خلال هذه الجهود ستتمكن صناعات الألمنيوم المحلية - بمشيئة الله - من أن تحل محل واردات المملكة من منتجات الألمنيوم الأساسية والوسيطة المستوردة، للمنافسة عالمياً وتصدير المنتجات التحويلية النهائية المصنوعة محلياً.
يُذكر أن «عربال 2015» سيبحث خلال هذه الدورة «تكامل صناعات الألمنيوم الأساسية والتحويلية بين دول الخليج»، ويتناول الموضوعات ذات العلاقة بمستقبل صناعات الألمنيوم في العالم، وتعزيز آليات التعاون بين الشركات المنتجة والمستهلكة، بما يسهم في تحقيق الأهداف المشتركة للمشاركين في هذا التجمع، ولصناعات الألمنيوم كلها.