د. حمد بن عبدالله المنصور ">
حركة نقل المعلمين -ويقصد بهم في هذا المقال المعلمين والمعلمات من باب التغليب- الداخلي والخارجي في وزارة التعليم.. حدث هام ينتظره الآلاف من كافة أطياف الشعب السعودي في كل عام دراسي، وأثره سلبا وإيجاباً يتجلى على المعلمين وأفراد أسرهم وعلى الطلاب والطالبات، فتوفير المناخ الملائم والاستقرار النفسي لهؤلاء جميعاً من أهم أسباب نجاح وتقدم التعليم الذي هو النور الحقيقي المشرق على طريق الأمة في مسيرتها إلى التقدم والازدهار.
وهذه حقيقة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، ومثلها في الوضوح أن نظام هذه الحركة تشريع بشري يعتريه النقص ويتعاقبه الخطأ والصواب.. ولكن التجارب وتلاقح الأفكار ولاسيما من المسؤولين في الوزارة والمعلمين الذين يعيشون تلك التجارب على أرض الواقع وفي ميدان التعليم مما يقربه للكمال ويسد ثغرات الخطأ والنقص فيه.
وقد بذل المسؤولون في الوزارة وعلى رأسهم معالي الوزير عزام بن محمد الدخيل وجميع المشتركين في الاجتماعات والورش التي تعقدها الوزارة من المعلمين والمعلمات والإداريين وغيرهم قصارى جهودهم لتحقيق الرغبات ومراعاة الظروف في إطار المصلحة العامة، والذي يتابع مستجدات هذا النظام يلمس ويرى المحاولات الجادة لصياغة نظام يقوم على العدل والإنصاف وتحقيق مصالح منسوبي التعليم في ظل المصلحة العامة التي أؤتمن عليها جميع منسوبي الوزارة.
ولما كان معالي الوزير مشكوراً وجميع المشتركين في صياغة هذا النظام قد فتحوا الباب على مصراعيه للملاحظات والشفافية كما فتحوا أبواب صدورهم الرحبة لكل ما يضع أيديهم على الصواب.
فإني آمل أن يتقبلوا مع وافر تقديري لمجهوداتهم وشكري الجزيل لأعمالهم الجليلة ما لدي من الملحوظات وما سمعته أو قرأته من أصحاب الشأن في ذلك، يلاحظ أن النظام مع محاولة مشرعيه الجادة في تلمس العدل والصواب لم يفرق بين أوضاع من يهدف النظام إلى حل مشاكلهم من المعلمين والمعلمات وإن كانت ظروف المعلمات أصعب وأجدر بالحل، فالمعلمة التي تسافر إلى مدرستها قبل أذان الفجر على طرق خطيرة بعضها غير ممهد وتقطع حوالي 300 كم أو أكثر ثم تؤدي عملها وتعود إلى منزلها حوالي الساعة الرابعة وقد سلب عناء السفر وخطره جميع قدراتها تتساوى في آلية النقل مع من تخرج من بيتها إلى مدرستها بخطوات معدودة، إضافة إلى أن المعلم والمعلمة اللذين يعينان في القرى والهجر قد يدرسان حوالي عشر مواد أو أكثر وهذا مما يضاعف العمل والعناء والمشقة في التحضير النظري والعملي ووضع الأسئلة وتصحيح أوراق الإجابات وفي جميع الأعمال التي يكلف بها المعلمون بخلاف من في المدينة الذي قد يحضر مادة واحدة فقط، كما أن النسبة العالية من رواتب من في القرى تذهب لتكاليف السكن التي قد تصل إلى أربعة آلاف ريال في الشهر الواحد وتكاليف النقل التي قد تصل إلى ثلاثة آلاف ريال في الشهر.. وقد أشرت إلى ذلك في مقال سابق نشر في جريدة الجزيرة الغراء.
والذي أقترحه في هذا الشأن ما يلي:
أ- تطبيق ما اقترحته الوزارة في العام الماضي من توزيع أيام المعلمين بين القرى النائية والمدينة، بحيث يداوم المعلم يومين في القرية النائبة وبقية الدوام في مدينته التي يسكن فيها بتوجيه من إدارة االتعليم في المنطقة.
ب- منح إجازة يوم في الأسبوع لمن يشدوا الرحال في كل يوم إلى مدارسهم ليخفف عنهم عناء السفر ومشقته، ويشعرهم بالاهتمام بشأنهم ومحاولة إنصافهم والعدل في معاملتهم والمساواة بينهم وبين زملائهم في المدينة وتقدير ظروفهم.
ج- أن تحسب لهم الساعات التي يقضونها بين وعثاء السفر ومخاطره من وقت دوامهم بالطريقة التي تراها المدرسة كالإعفاء من الحصص الأولى والأخيرة.
د- أن يقدر نظام حركة النقل نقاطا لمن يعيشون هذه الظروف تساعدهم على سرعة نقلهم وتقدير ظروفهم.
هـ- أن تعاد لهم مكافأة بدل النائي التي كانت تصرف لأمثالهم وهذا آخر الدواء ولا يعود بالفائدة المرجوة للتعليم كسابقه.
ومن المقترحات العامة أيضاً:
1 - منح مديري التعليم الصلاحية في النقل الداخلي والخارجي داخل المنطقة التي فيها الإدارة والتنسيق مع الإدارات الأخرى في المنطقة إن وجدت بنظام توافق عليه الوزارة وتتابع تطبيقه.
2 - إذا مضى على المعلم سنتان في الهجرة أو القرية النائية فله الحق في النقل ولو إلى إحدى الرغبات التي دون الرغبة الأولى في الترتيب مما يقربه إلى المدينة ويختصر المسافة التي كان يقطعها.
3 - إذا اتفق معلمان في تخصصهما وكفاءتهما ورغبا في المناقلة فالأولى تحقيق رغبتهما عن طريق إدارة أو إدارتي التعليم التابعين لهما، وهذا مما يطالب به المعلمون في كثير من الأحيان.
4 - دمج المدارس في الهجر النائية بالآلية التي تراها الوزارة والنظام الذي يراعي مصلحة الطالب والمعلم وفائدة ذلك واضحة في التعليم والأنشطة اللامنهجية وغيرهما، والاستفادة من وسائل التواصل الحديثة والتقنية في ذلك.
5 - إعادة دراسة النظام من قبل ورش ولجان يشترك فيها المعلمون ولاسيما الذين يعانون المشكلة مع استعانة الوزارة بأكبر عدد من ذوي الشأن من المعلمين ومنسوبي الوزارة وأصحاب الخبرة.
ولم ولن نتناسى أو ننكر ما قامت به الوزارة في هذا الشأن، لكن تلاقح الأفكار وتعدد الخبرات واشتراك أكبر عدد ممكن أقرب إلى النتائج التي يطمح إليها معالي الوزير ومنسوبو الوزارة.
6 - إعادة بناء أو ترميم بابي الظروف الخاصة ولم شمل الأسرة بلبنات من الرأفة والشفقة ومراعاة الظروف ورفع سقفيهما وتوسعتهما ولو قليلاً، فإن كثيراً من الظروف القاسية التي تقف حجر عثرة بين المعلم وأداء واجبة قد وقفت أمام هذين البابين حائرة عاجزة عن الدخول مع أحدهما فعادت حسيرة إلى قلب المعلم ونفسيته لتكدر علية صفو حياته التعليمية.
7 - زيادة عدد الفرص في حركة النقل وتطويع النظام لذلك، وقد أشار إلى ذلك معالي الوزير في كلمته خلال مشاركته في الورشة الختامية لهذا الغرض، والوزارة بقيادتها الحريصة ومنسوبيها الذين يحملون هم ومشقة وخطر سفر المعلمين قادرة على ذلك كله، وقد استطاعت المواءمة بين النقل إلى الرغبة الأولى والمصلحة العامة حينما وجه بذلك خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله فما بالك بالرغبات التي دون الأولى.
ومن الملحوظات على النظام القائم، ما يلي:
1 - رقم 11 من تحديث البيانات ص 4 ينص النظام على (في حال كون المعلم جديداً أو معاراً أو في إجازة استثنائية أو ليس على رأس العمل التربوي في العام الماضي تسجل له في حقل درجة الأداء الوظيفي السابق (60) درجة فقط ويبلغون بأن الدرجة المدونة لهم ولجميع الحالات المماثلة بالتساوي وإذا كان النظام قد منح المعلم إجازة استثنائية بدون راتب ومحسومة من مدة التقاعد فلماذا يلحق النظام به هذا الضرر عند طلبه النقل ومن الإنصاف أن يمنحه النظام الدرجة التي حصل عليها قبل الإجازة، على أقل تقدير.
2 - رقم 14 من تحديث البيانات ص 5 أي تعديل خاطئ له أثر على صحة البيانات يعتبر مخالفة ويحق للوزارة إلغاء نقل شاغلي الوظائف التعليمية حتى بعد صدور الحركة.
إذا كان هذا الخطأ من غير المعلم أو كان غير مقصود فمن يتحمل التكاليف المالية التي أقلها الارتباط بعقد في السكن يستدعي دفع نصف الآجار على أقل تقدير ومثله عقد النقل من المدينة التي يسكنها إلى المدرسة شهرياً وكذلك النقل إلى المكان المنقول إليه وغير ذلك من الالتزامات المالية وغيرها، بخلاف ما إذا كان الخطأ متعمداً أو حصل تزوير في المعلومات المدونة فإن لذلك نظامه وجزاؤه، ثم ما ذنب المعلم إذا لم يحصل منه الخطأ.
3 - الرقم 15 من تحديث البيانات ص 5، النص (تعتذر الوزارة عن قبول تعديل أو إضافة أي إجراء على طلبات النقل بعد إغلاق النظام حسب الجدول الزمني، وهذا يضيق باباً مفتوحاً في الأنظمة السابقة في الوزارة وفي أنظمة الدولة كلها، ولما كانت السنة الدراسية طويلة وتستجد فيها ظروف وتتبدل أحوال قد تكون صعبة يستحيل معها استمرار المعلم في مكانه بينما النظام لا يتغير ولا يتبدل، فالأفضل زيادة هذه المادة أو تفعيل حركة نقل إضافية وإن كانت محصورة في مثل هذه الظروف.
4 - رقم 2 من آلية وضوابط حركة النقل الخارجي ص7 ينص على (أن المعلم الذي يحصل على درجة الماجستير أو الدكتوراه بنظام الإيفاد الداخلي أو الابتعاث الخارجي من الوزارة يعاد تقييمه مرة أخرى ويجتاز المقابلة الشخصية مع المشرف التربوي ليعرف مدى كفاءته في تدريس المرحلة المتوسطة أو الثانوية) وفي نظري ما دام المعلم في الوزارة وهي التي رشحته للإيفاد أو الابتعاث بمعايير دقيقة وثقة تامه واختارت تخصصه الذي يلبي احتياجها والجامعة التي تثق بمكانتها العلمية فلماذا الشك في مدى كفاءة الدكتور العلمية في تدريس المرحلة المتوسطة أو الثانوية.
5 - الرقم 4 من الآلية نفسها ص7 يتوافق مع رقم 14 من تحديث البيانات ص5 في النظام والاقتراح وإن اختلفت الصياغة والموضوع وأقسى منها ما ورد في رقم 19 من الآلية نفسها ص10 الذي ينص على استبعاد المعلم من الحركة.
6 - الرقم 1 من آلية عناصر المفاضلة ص12 يفيد النص أن أيام الغياب بدون عذر يطرح من تاريخ المباشرة، وفي نظري أن حسم راتب هذا اليوم وعدم احتسابه من التقاعد وما قد يصل المعلم من الإنذار الرسمي وحفظه في ملفه يكفي كجزاء للغياب فلا داعي من طرحه من تاريخ المباشرة لأن ذلك سيؤخر ترتيبه في النقل عن مئات المدرسين الذين باشروا معه في نفس التاريخ.
7 - وفي رقم1 منه ص12 ينص النظام على عملية حساب حسم النقاط عن الغياب بعذر ولا أعرف لماذا تحسم النقاط الناتجة عن العملية مع أن الغياب بعذر شرعي ومقبول.
8 - الرقم5 ص12 يمنح النظام مدير المدرسة الذي يستمر حتى نهاية العام عشر نقاط في المفاضلة بينما الوكيل الذي في الواقع يباشر أكثر الأعمال لم يمنح نقطة واحدة.
هذه بعض الملاحظات التي أملتها الرغبة الأكيدة في الوصول إلى نظام يهيئ الجو المناسب للمعلمين والمعلمات ويضمن الفائدة المرجوة للطلاب والطالبات والتعاون مع المسؤولين في الوزارة.
وليس عندي أدنى شك في أن معالي الوزير وجميع منسوبي الوزارة يدركون بخبرتهم وحرصهم وإخلاصهم وتجاربهم في صياغة النظام وعملهم في الورش الجديدة أكثر مما أشرت إليه وأن محاولاتهم مستمرة وجادة وستصل -إن شاء الله- إلى حل ينصف المعلمين ويضمن تحقيق المصلحة العامة، فهم جديرون بذلك، حفظهم الله وسدد خطاهم ووفقهم إلى حل جذري لهذه المشكلة.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد،،،