محمود أحمد مُنشي ">
أضحت المخدرات آفة اجتماعية خطيرة تؤرق مضاجع الجميع على وجه البسيطة دون استثناء والكل يتفق على محاربتها بشتى الأساليب والطرق لأن فيها دمار الشعوب وضياع وتفكك وشتات للمجتمع برمته ما لم نقف جميعاً للتصدي لهذا الغزو الشرس الغاشم الذي يستهدف عقول الشباب وتدميرها.
دولتنا الفتية -وفقها الله- ممثلة في وزارة الداخلية الإدارة العامة لمكافحة المخدرات لا تألو جُهداً ولا تدخر وسعاً في محاربة هذا الداء الخطر والفتّاك فجنّدت له كل الإمكانات المادية، البشرية، الآلية والتقنية، فهناك المحاضرات والندوات منها الأسبوعية والشهرية وعلى فترات مختلفة طول العام وكذلك هناك أسبوع مكافحة المخدرات، حيث يتم تكثيف التوعية بخطر هذه السموم وإنعكاسها على المجتمع، وأن الدور الكبير والفعّال والنشط يُحسب للإدارة العامة لمكافحة المخدرات في هذا الجانب، كذلك الإعلام بوسائله المختلفة ومن خلال المُلصقات والصحف وكتب التوعية وغيرها من وسائل المكافحة.
يجدر الإشارة أن هناك فئة حاسدة حاقدة تتربص بأهل العقيدة والتاريخ سعياً لطمس ملامحهم حتى يُبعدوهم عن دينهم وهويتهم وجذورهم لسبب دنيوي ليُغريقونهم في هذا الوحل وهذا المستنقع وما يسعون ويرمون إليه هو طمع في الغنى والربح السريع ومحو للفِكر وإعدام للثقافة عند الشباب، وهم الهدف الذي يدخل العدو من خلالهم فيُجنّد لهم أحدث صرعات العصر وإغراءاته الكاذبة ويزرع فيهم حب الشهوات ويتدرج معهم في جعل الدنيا من حولهم ككرة تسلية يضربونها دون اكتراث بأقدامهم ضاربين معها بعرض الحائط كل تقاليدهم ونسيان روابط الأُسرة وأصول العقيدة فيبُث فيهم سُمومه بأشكال مختلفة من النشوة الزائفة من أصناف المخدرات وتُقدم لهم بالمجان في البداية حتى إذا ما أدمنوا عليها أصبحوا غير قادرين على تركها.
إن للضربات الاستباقية التي يُحرزُها رجال مكافحة المخدرات الأبطال من وقت لآخر بتوفيق الله عزّ وجل ثم على ما يتمتع به هؤلاء الرجال من دراية وحِنكة وفراسة وليقظتهم الدائمة وثاقب بصيرتهم ثم بفضل ما وفرته حكومتنا الرشيدة من دورات دراسية متقدمة في عِلم مكافحة هذا الوباء، إمكانات مادية، بشرية، أجهزة ذات تقنية عالية متطورة إضافة إلى خبرات يتمتعون بها رجال المكافحة تُحبط بإذن الله كيد هؤلاء الأشرار الذين لا يتورّعون في اقتراف هذا الجُرم دون مُراعاة حُرمة هذا العمل الإجرامي الدنيء في تهريب هذه السموم إلى داخل مملكتنا الغالية وأهدافهم المعروفة القذرة من قبل جهات ومنظمات تستهدف هذه البلاد في أعزّ ما تملك هو شبابها بقصد تدمير عقولهم؛ ولكن الله عزّ وجل مُحيط بمكرهم ومخططاتهم الإجرامية، ثم فِطنة هؤلاء البواسل رجال المكافحة نراهم يقعون في شرّ أعمالهم يتم القبض عليهم فُرادى أو جماعات، ولن يفلتوا من يد العدالة سوف يُطبق بحقهم شرع الله.
الجدير ذكره أن وزارة الداخلية تسعى بكل ما أوتيت من قوة في اجتثاث جذوره ودفع هذا الخطر عن بلادها وأبنائها، تم افتتاح ثلاثة مستشفيات (الأمل) من وقت بعيد في كل من الرياض، جدة والدمام لمعالجة المُدمنين لهذا الداء، دخولهم برغبتهم وبطوعهم وإبقاء هذا الأمر في سرية تامة رغبة في استشفائهم ورجوعهم إلى مجتمعهم صالحين بإذن الله من هذه المعضلة. إنهم مجرمون حقاً قد إستطاعو بحيلهم وألاعيبهم الشيطانية أن يوقعوا بعض ذوي النفوس والعقول الضعيفة في مزالق الهوى والشيطان، وأصبح ذلك المغلوب على أمره ضحية وفريسة لا يستطيع الفكاك منها، فلو تسلّح بالإيمان والتربية الأسرية الصحيحة منذ البداية وابتعاده عن رفقاء السوء لما وقع في شراكهم وسهل عليهم اصطياده.
ومن هنا يبدأ الفرد المريض بالكذب والتحايل بشتى الطُرق على الأُسرة وعلى الأصدقاء.. فيستنفد ما عندهم من مال ويصبح الدَين سيد الموقف ويعجزُ عن السداد فيتوجه إلى البيت وتبدأ الحرب الأُسرية ويبدأ منها بالسرقة والضرب والاعتداء حتى يحصل على مُبتغاه. فكم من الجرائم وقعت من أجل جُرعة سُم وكم من طلاق وتفكك أُسري وشتات الأطفال من وراء ذلك وكم من وظيفة فُقدت من أصحابها لعدم كفاءة صاحبها بعد تعاطيه لهذه السموم وأصبح غير قادر على تحمل المسؤولية في ضياع تام.
إذن إن تلك الآفة قضت على كل الطُموحات وذلك المُستقبل لذلك الشاب وتحطيم كل آماله وأحلامه وحسرة وندم لأبويه الذين قد يكونون شاركوا في ما آل إليه حال ابنهم بعدم مُراقبتهم له منذ البداية وتركه في أحضان أصحاب وأصدقاء السوء وقبل كل ذلك عدم تنشأته التنشئة الصالحة وعدم زرع الأخلاق الحميدة وما كان عليه الآباء والأجداد من قيم ومُثل والتي بحول الله كفيلة بأن تعصمه من هذا الشّر الفتّاك.
إن من اتبع هذا السبيل إنما أتبع الشيطان وأعوانه فأضله عن الجادة وقاده إلى طريق السعير ومن يتبع الشيطان فقد هلك وإن هؤلاء الشباب المُغرر بهم يحتاجون إلى عناية ورعاية تامة من الأُسرة والمدرسة، حتى الجامعه والمسجد.. وأخص بالذكر الوالدين في أن يعرفوا أبناءهم مع من يجالسون ومن يخالطون كما جاء في محكم التنزيل الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ... الآية.. وكما جاء في الحديث (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته..) وجاء في حديث آخر (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم إلى من يُخالل). من هذا نستنبط أن الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة جاءت صريحة وواضحة لتؤكد على أن هؤلاء الأبناء والشباب أمانة في أعناقنا وأن نراعي الله فيما أؤتمنا عليه.
سائلاً العلي القدير أن يحمي بلاد الحرمين الشريفين وكل من يعيش على ثراها من شر هؤلاء المُتربصين بأبناء هذه البلاد لإيقاعهم في هذا الوباء (المخدرات) بكل أنواعها، إن الله غالب على أمرهم ومبطل كيدهم إن شاء الله ثم بوعي أبناء هذه البلاد من خطورة هذه الآفة وأنها سم قاتل لكل من يتعاطاها، ثم ليقظة رجال أمننا في كشف ألاعيبهم وحيلهم، وأن رجال أمننا يضربون بيد من حديد وأن لا تهاون في التعامل مع هؤلاء الحاقدين في القبض عليهم وكل من يتعاطاها أو يساعدهم في نشر هذه السموم بإنزال أشد العقوبات حسب ما جاء في محكم التنزيل والسنة المطهرة.