منيرة محمد الخميري ">
هناك مقولة «كلما يكبر الرجل يزداد وقاراً، وكلما تكبر المرأة تزداد أنوثة». السؤال: هل هذا الواقع؟
طبعاً، التعميم في أي شأن من شؤون الحياة قاعدة غير صحيحة؛ لذا نتجاوز تلك المقولة لنخوض في مرحلة «الخمسين» من العمر لدى الرجال بالتحديد؛ لأنهم من يملكون صلاحيات التغيير في البحث عن حياة جديدة.
يحدث في هذا العمر حالة من التمرد، كلٌّ بطريقته الخاصة. هناك من يبدأ في صبغ شعره الأبيض، إلى ارتداء الملابس الشبابية، وصولاً للبحث عن فتاة العشرين.
محاولاً بذلك أن ينفي عنه تهمة الكِبَر، ويثبت لنفسه أولاً ولكل المحيطين به أنه لا يزال ينبض بالحيوية والنشاط.
التغيير الشكلي، ومزاحمة الشباب على النظارات والملابس الشبابية، وغيرها، أمر طبيعي مع عدم توجيه لوم أو نقد تقدير للروح؛ فالروح تستلذ بطعم الحياة بكل الألوان ما لم يتعدَّ الأمر إلى مرحلة غير الطبيعي.
الرجل بطبيعته يحب التجديد أكثر من المرأة في نواحي حياته، وهو ما يسمى رجلاً «قلبه أخضر»، أي يظل قلبه شباباً مهما كبر، ويعشق الجمال في النساء بطبيعة فطرية.
من الأمور التي تضيق على الرجل في عمر الخمسين أن بعض النساء لديها قناعة أنها في مرحلة «الزهد» من الحياة؛ فتهمل نفسها في أمورها الشخصية، حتى وزنها لا تعيره اهتماماً، وعلاقتها مع زوجها تصبح باردة المشاعر.
في مرحلة الخمسين الرجل بالذات يُصاب باليأس والإحباط من المرحلة القادمة ما لم يجد في الشخص الآخر واحة أمان وراحة، غير المرأة التي تجد نفسها وراحتها بين معمعة مشاكل أبنائها، حتى المتزوج منهم.
الرجل في هذا العمر إن لم يجد ما يشغل نفسه فيه، حسب دراسته، عمله، توجهاته وهواياته.. يصل مع الوقت لمرحلة تفكير مزعجة ومشوشة له ولعائلته.
هنا دور المرأة كبير، كما هي عادة النساء في القدرة الأعلى على الاحتواء.
الرجل في تلك المرحلة يكون أكثر عاطفية، أكثر حساسية، بل أكثر شاعرية.. يبحث عن الحب، عن الاهتمام، ويطلب منحه حقوقه أكثر من أي مرحلة من مراحل عمره، ويطالب بعدم تهميشها محاولة لإقناع نفسه وإقناع المرأة أنه ما زال هو ذاك الشاب الذي لطالما اهتمت به واحتضنت مشاعره، وهو حق من حقوقه أن تظل بقربه، تحتويه، تشعره بأهميته، تبحث معه عن سبل السعادة.. فالرجل داخله طفل يعشق الفرح.
لا تكن حياتك مختصرة على أبنائك فقط.. هو ينتظر كثيراً عودتك.. ينتظر مبادرة تُخرجه مما يعيشه من «وحدة» مهما كان حوله من بشر.
هناك نساء - للأسف - تعتقد أن الرجل في عمر الخمسين انتهى.. بمعنى آخر تتساءل وتسأل: ماذا يريد بعد هذا العمر؟! سؤال - للأسف - غير واعٍ لامرأة يغضبها سيرة فتاة العشرين.