عبدالرحمن بن محمد بن إبراهيم الريس ">
لا يخفى على الجميع أن الأعمال الإرهابية التي حصلت في بلادنا وبأيدي بعض أبنائنا المغرر بهم لا شك أن هذه الأعمال تحتم على الجميع مؤسسات وأفراداً النهوض بمشروع وطني كبير للتصدي لمظاهر الغلو والتطرف والكراهية في المجتمع التي يحملها بعضهم جهلاً وربما اختطافاً لثوابت الإسلام وتعاليمه السمحة وسطية وتسامحاً واعتدالاً، من وجهة نظري؛ إن على وزارة التعليم مسؤولية كبرى تجاه المجتمع، كما نتمنى أن تتبنى وزارة التعليم بالتنسيق والتعاون مع الجهات الأمنية والمراكز البحثية في المجتمع ومركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني حزمة من البرامج في المدارس لتعزيز الأمن الفكري، وتحصين الناشئة من الأفكار الضالة، وتطهير مجتمع التعليم من مظاهر التشدد والتطرف.
في اعتقادي أن المدرسة إلى جانب الأسرة يتحملان العبء الأكبر في مواجهة ظاهرة الإرهاب الفكري الذي استغل تقنيات العصر في تغيير كثير من مفاهيم الناشئة، وسلوكياتهم، وهو ما يتطلب حضوراً مكثفاً في توعية تلك العقول الشابة، ومخاطبتهم بلغة عصرهم، وتنويرهم إلى خطر التشدد والغلو والتطرف، بمعنى أن تبذل المدرسة (إدارة، معلمين، مشرفين) دوراً أكبر في تبني حوار معتدل قائم على الثوابت ومحافظاً على وطنية الشاب وانتمائه، ومهذباً لسلوكه نحو تحمل مسؤولياته الدينية والوطنية.
عندما يغيب منهج الوسطية والاعتدال تظهر شريعة الغاب وينتشر التخريب والتفجير والتدمير والإرهاب بأسلوب رخيص وبأسماء مستعارة تروج للإرهاب المسلح وقتل الأنفس المعصومة وسفك الدماء البريئة وتدمير الحجر والبشر والشجر، مستغلين طاقة الشباب وحماسهم وعقول البسطاء من الناس بالكذب على الله ورسوله بتحريف النصوص تارة وبخطب منبرية ومواعظ حماسية وأقوال منمقة تارة أخرى.
إن هؤلاء السماسرة يسوقون للشباب السخافة والسراب وإيهامهم بأن طريقتهم للعنف والكراهية هي المثلى، بينما ديننا الإسلامي السمح جاء بنور التسامح والتعايش ونبذ العنف والكراهية، فعاشت مجتمعات بعاداتها وتقاليدها وثقافاتها المختلفة في ظله كالجسد الواحد، لكن جاء هذا الفكر العفن يعصف بهذه اللوحة الجميلة ويشتت الآراء ويشق الصف في تنازع عميق يصاحبه نزيف دموي، ولا يخفى على أحد بأن بلادنا المملكة العربية السعودية قد عانت من هذه الفئة الضالة وهجماتها الإرهابية، إلا أن هذه البلاد ولله الحمد بسبب توفيق الله تعالى أولاً ثم الخبرة التراكمية لقيادتها الحكيمة استطاعت بفضل الله أن تقدم تجربة رائدة في التصدي للإرهاب عبر جهود مبنية على أسس علمية عميقة كإشراك المواطن في محاربة الفكر الضال وبناء قلاع تعليم وتحصين فكري للشباب والمجتمع من خلال برامج توعوية عبر وسائل الإعلام المختلفة وتعريف بالرسالة الأمنية وإيضاح ما يمليه الواجب الوطني لكل مواطن ومقيم للإسهام بفاعلية في حفظ الأمن والنظام، واعتبار الوطن خطا أحمر لا يمكن المساس به، إضافة لاستيعاب المتورطين في الفكر الضال وإعادة دمجهم في المجتمع من خلال مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة.
أخيراً: يجب علينا مراقبة الخطاب الديني المتشدد لأنه يؤثر على الشباب، خصوصا أن هناك بعض الأئمة والخطباء المتشددين الذين يعملون على نشر الفكر المتطرف، كما يجب التخفيف بقدر الإمكان من أسلوب التلقين في مناهجنا التعليمية لأنه يلغي عقل الطفل ويمنعه من التفكير المستقل ويجعله دائما في انتظار من يلقنه ليقوم هو بالفعل.
حفظ الله بلادنا وولاة أمرنا وشعبنا الوفي من كيد الكائدين وحسد الحاسدين وجمع كلمتنا على الحق والهدى و-صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.