تزدحم المحاكم الشرعية في السعودية بالمتقاضين في قضايا الطلاق أو الخلع، وهي ظاهرة مقلقة للمشتغلين بالشأن الاجتماعي والشرعي في المملكة؛ فمن هذا المنطلق وجدتُ أنه يجب التفاعل والتعقيب على ذلك من خلال قلمي لنشره بعزيزتي الجزيرة.
يقول الحق جلَّ وعلا: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإمساكٌ بِمَعْرُوفٍ أو تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ...} البقرة 229.
الطلاق من أبغض الحلال إلى الله - عزَّ وجلَّ -، والطلاق علاج للحالات المستعصية التي لا يمكن فيها الإصلاح بين الزوجين والجمع بينهما، ويكون فراقهما خيراً من اجتماعهما.
أما الطلاق فهو حل للرابطة الزوجية، وإنهاء للعلاقة بينهما. ولكنني أتمنى من الجميع عدم الاستعجال بالطلاق، ويجب التريث في ذلك أطول فترة ممكنة، ولا تتخذوا القرار بشكل سريع. يجب أن نجرب المحاولات مرات عدة للتراجع عن ذلك، وحل المشكلة بكل هدوء. وجرِّبوا طريقة الابتعاد عن بعضكم لفترة؛ لعل وعسى مع مرور الأيام يتضح أنكم مخطئون في القرار؛ فالطلاق له أضرار كثيرة، خاصة على الأطفال الأبرياء. كم من طفل صغير أصبح بسبب هذا الطلاق ضائعاً مشتتاً محتار الفكر، تمتلكه وتعتصره الآلام، وينظر إلى والديه بأنهما سبب من أسباب تعاسته في هذا المجتمع؛ فهو ينظر للمجتمع من نظرة واحدة، هي الجانب السلبي؛ فيصبح فاقد الحنان الأبوي فاقداً الثقة بنفسه، وهو لا يعلم من المتسبب في الطلاق، هل هو الأب أم الأم؛ فكلاهما يحمِّل المسؤولية للآخر.
مهما كانت وتعددت الأسباب فالطريق واحد، هو ضياع الأبناء.
قد يقول قائل إن آخر العلاج الكي. ونقول: صحيح، ولكن أين الحِلْم والصبر اللذان أمرنا بهما المصطفى الكريم؟
أين الأخلاق الحميدة؟ لماذا لا نطوِّر ونثقف أنفسنا بالاطلاع الدائم حول علاج المشاكل الزوجية، ونسأل المختصين والاستشاريين حول قضايا الأزواج من المشاكل والأسباب وطرق علاجها في البداية؟ ومن خلال ما شاهدته من حالات الطلاق السابقة أجد أن أغلب حالات الطلاق تقع في السنة الأولى لفقدان الانسجام والحوار الهادئ بين الزوجين. لماذا الشباب المقبل على الزواج لا يحاول أن يتعلم كيفية إدارة الحياة الزوجية، وذلك كما جاء في الكتب النبوية، والتعلُّم من معاملة الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - مع زوجاته؟
وأخيراً: أتمنى من القضاة في المحاكم عدم الاستعجال في قضية الطلاق، وتأخير إخراج صك الطلاق والمصادقة عليه؛ لعله كما يقولون «في كل تأخيرة خيرة إن شاء الله»، ولعل وعسى أن ترجع المياه لمجاريها، و»ينعدل الحال»؛ لأن هذه الدنيا زائلة، ودوام الحال من المحال، والكل مودع هذه الدنيا، فلماذا نجعل فلذات أكبادنا عرضة للدمار وأصدقاء السوء وطريق الضياع بسبب لحظة كان الشيطان حاضراً فيها، والنتيجة ضياع أسرة كاملة بكلمة «طالق».
مع تمنياتي للجميع بحياة زوجية موفقة بعيدةً عن منغصات الحياة، وبعيدةً عن كلمة «طالق، طالق، طالق».
- محمد عبدالرحمن القبع الحربي