سليم صالح الحريص ">
** تبقى الحديثة.. بوابة الوطن.. حاضر يعن من أمسه.. تتوارث حضورها وتبقى المهمة على مر الأزمنة.. كانت الحديثة حاضرة في أسفار المنطقة وها هي اليوم حاضرة على خارطة الوطن.. تحتل مكانتها وتكتسب أهميتها وتشكل قلادة في جيد الوطن.
** الحديثة وهي منفذ الوطن وبوابته ذكرها المقدسي (المقدسي المعروف بالبشاري) والمتوفى سنة (380 هجرية) في كتابه (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم) ص 205.. (أما طريق بطن السر فتأخذ من عمان إلى العويند نهارين ثم إلى المحدثة نصف نهار ثم إلى النبك.. ويعني القريات حالياً (النبك أبونخلة سابقا) مثله..... وقال: المحدثة قناة حلوة قد حدّت بحجارة سود والنبك غديران أحدهما أحلى من الآخر المحجة بينهما وثم نخيلات... إلخ).
** إيرادي لما قاله المقدسي لا أقصد منه البحث التاريخي وحسب لكنني وددت أن أنوه بأن هذا المكان ليس نتاج حدث معين ولا توطن لفرد أو مجموعة أفراد ونشأت وتكونت.. هي امتداد لأمس.. قد ذكرها المقدسي قبل ألف وسبع وخمسين سنة.. وهي قبل هذا بقرون.. تؤكدها بقايا آثارها ومحجراتها.. ما جعلني أشير لهذا هو رغبة في التوضيح بأن الحديثة لم تنشأ لوجود منفذ حدودي فقط، بل هي موجودة قبل أن تكون منفذاً مهماً يشار له ببنان.
** وهي اليوم منفذ حيوي ومهم وواجهة لوطننا كان ذلك عاملاً مهماً نحو السعي لتطويرها وتنميتها مواكبة لنهضة وطننا وتقدمه. كي تكون اسماً على مسمى. ونحن نعرف أن البلديات العنصر الأهم في التطوير والتنمية ولهذا جاءت الموافقة السامية على تأسيس بلدية في الحديثة لتكون معول بناء وتحضر وتشييد لتمضي قدماً في جعل الحديثة الصورة الأبهى للقادم لبلادنا واللوحة الأجمل للعابر والزائر. مضت عدة سنوات على تأسيس البلدية وكان المؤمل أن تختصر المسافة الزمنية لكن الرياح لم تكن على رغبة الربان.. ظهرت معوقات عدة.. ومعرقلات كثر.. قيدت البلدية ووضعتها في الدائرة الأضيق.. لا تستطيع التحرك ولا العمل ولا تحقيق المؤمل منها.
** في فهمنا ومعرفتنا أن البلدية تكون المعنية وصاحبة الشأن.. لكن الحديثة كان أمراً آخر.. فقد تخلقت عراقيل كثر وبرزت جهات تتنازع مع البلدية في مسؤولياتها ومهامها. وتقاطعت الخطوط وتشربكت الأمور.. وكنتيجة طبيعية لتنازع المهام تعطلت مشروعات كثيرة والمتضرر هم من يسكنون الحديثة وينتظرون خدمات بلديتها الوليدة.. عدة سنوات والحال كما هو.. مبنى للبلدية متوقف وخزان للمياه معطل وغير ذلك كثير من برامج ومشروعات بقيت رهينة الأخذ والعطاء.. ما بين وزارة المالية وحرس الحدود.
** لا أتهم جهة واحدة بأنها المعطلة ولربما هي تملك ما يبرر لها ما قامت به وفقاً لتوجيهات أو نظم أو.. أي شيء آخر.. لكنه كان من المؤمل والمفترض أن تحدد المسؤوليات لكل جهة معنية بالمناطق الحدودية.. من البدايات وتعالج الاختلالات والتداخل بالاختصاص والتشابك بالمهام لا أن تترك الأمور على ما هي عليه على أمل أن تعالج مع الوقت والتريث.. كل هذا لن يعالج ولن ينهي تنازع المسؤولية.. نحن نعرف أن المتضرر هو المواطن المستفيد من الخدمات والمرافق.. وبقاء الحديثة على هذه الصورة من التواضع الخدمي في كل أمر.. صورة مشوهة لسخاء حكومتنا وعطائها وحرصها على ظهور كل مدننا وبلداتنا بالصورة الأزهى والأجمل.. أعول كثيراً على المستقبل.. لتبدأ الحديثة مع يوم متجدد ينقلها إلى غد أكثر بهاءً وإشراقاً.