مناقشة الاسباب والحلول والمعالجات لظاهرة الإرهاب وكشف الشبهات وردها ">
عرض - فيصل العواضي:
من نافلة القول إن الإرهاب كظاهرة وحدت العالم في مواجهته كونه خطرا لم يستثن أحدا والمملكة بما أنعم الله عليها من احتضان قبلة المسلمين ومثوى الرسول الأمين تلعب دورا بما يتجاوز تطلعات العالم لدورها.
ومما لا شك فيه أن الإرهاب ناجم عن انحراف فكري وتصور خاطئ يقتضي مواجهة هذا الانحراف من قبل علماء الأمة الذين تتجه إليهم الأنظار ويتطلع الناس لدورهم الذي قد يكون حاسما في مواجهة هذه المعظلة.
وبين أيدينا كتاب جامع في هذا الجانب صدر حديثا عن دار الوطن هو كتاب تيسير الوهاب في علاج ظاهرة الإرهاب على ضوء السنة والكتاب لمؤلفه الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبد العزيز السديس الرئيس العام لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي إمام وخطيب المسجد الحرام وهو كتاب قيم في موضوعه ونقدم هنا عرضا للكتاب بما يكفي لتسليط الضوء عليه مع التأكيد على أن عرضنا له لا يغني عن قراءته.
يقع الكتاب في 160 صفحة من القطع المتوسط ويشتمل على مقدمة وثلاثة فصول في كل فصل جملة من المباحث مع خاتمة وتوصيات ورسالة رحمة ونداء من جوار مسجد سيد الأنبياء.
بدأ المؤلف الدكتور عبد الرحمن السديس بمقدمة بين فيها فضل الله علينا بنعمة الإسلام ووصية الله لنا بالتقوى في محكم كتابه المبين مع التطرق إلى شمولية الشريعة الإسلامية واستيعابها لكل مقاصد الدين والدنيا فقال: وليس يخفى أن شريعتنا الإسلامية هي شريعة الشمول والكمال والعموم والجلال والعالمية والإنسانية والرحمة والسلام والأمن والوئام بما زخرت به من قواعد الأحكام ومصالح الأنام وأصول العقائد ودعائم الأخلاق والسلوك وأسس السياسة الشرعية والمقاصد الكبرى المرعية وكل ما يحقق صلاح الإنسان وفلاحه وهدايته ونجاحه في عبودية لله خاشعة وإنابة مبتهلة ضارعة ويقول جل شأنه ( صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة) مشيرا إلى الضرورات الخمس وهي حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ العقل وحفظ النسب وحفظ المال مع استعراض الأدلة على ذلك من كتاب الله.
واختتم مقدمة الكتاب بإزجاء الشكر والعرفان لمقام خادم الحرمين الشريفين وفقه الله وولي عهده الأمين وولي عهده سائلا الله أن يجعل أعمالهم المباركة في موازين حسناتهم ورفعة في درجاتهم.
وبعد المقدمة ينتقل فضيلة المؤلف إلى استعراض فصول الكتاب الذي يشتمل على تمهيد وثلاثة فصول وخاتمة حيت يقف الفصل الأول عند ظاهرة الإرهاب الأسباب والنتائج وتعريف الإرهاب في اللغة والاصطلاح ويتضمن هذا الفصل مبحثين المبحث الأول أسباب الإرهاب وفيه سبعة مطالب تمحورت حول الجهل بالكتاب والسنة وإهمال مقاصد الشريعة والانحراف الفكري وكذا الجرأة على الطعن في كبار العلماء وتعطيل اعتبار المالات إلى جانب الأسباب الاجتماعية والإعلامية وتغلغل الأفكار الهدامة وتسللها إلى شباب الأمة.
أما المبحث الثاني من مباحث هذا الفصل فيتناول العواقب والأضرار في ستة مطالب دارت حول تشويه إشراقية الدين وجمالياته وقتل الأنفس المعصومة من المسلمين والمعاهدين والمستأمنين إلى جانب اضطراب الأمن والاستقرار وفتح أبواب الزعازع والإفساد وكذا هدم البيوت وإتلاف الأموال وتدمير المرافق والممتلكات العامة وصرف الأمة عن قضاياها المهمة ليتناول المطلب السادس الصد عن الدعوة الإسلامية.
الفصل الثاني من فصول الكتاب وقد خصصه فضيلة المؤلف للحديث عن الإرهاب ومخالفته للشريعة والنحلة والإجابة شبه المفتونين به ويقع في مبحثين وإحدى عشر مطلبا فيضمن المبحث الأول خمسة مطالب هي:
تجني الإرهاب على تكريم الإسلام للإنسان ومخالفته للوسطية وتجسيده للغلو وكذا كونه من الإفساد في الأرض وإطلاق التكفير دون ضوابط إلى جانب شق عصا الطاعة والخروج عن ولي الأمر.
أما المطالب الستة التي اشتمل عليها المبحث الثاني من هذا الفصل فجاءت حول شبهة تكفير الإرهابيين للحكام وشبهة استباحتهم الخروج على الحكام وشبهة تغيير المنكر باليد والسلاح وشبهة فوان الأمة في مرحلة جهاد الدفع وكذا شبهة إخراج الكفار من جزيرة العرب وجاء المطلب السادس حول شبهة عقيدة الولاء والبراء.
وننتقل للفصل الثالث من فصول الكتاب الذي خصصه فضيلة المؤلف للحديث عن الحلول والعلاج والآثار ويتضمن أيضا مبحثين وثمانية عشرة مطلبا فجاء المبحث الأول حول والعلاج في عشرة مطالب هي:
المطلب الأول في النهل من العلم الشرعي والرجوع إلى العلماء ونهوض العلماء بالبيان وتوجيه الشباب وكذا التزام الرفق والوسط ومجافاة الغلو والشطط وانضباط الفتوى وحصرها في الإكفاء إلى جانب الاهتمام بمقاصد الشريعة والعناية بفهم العلم على منهج سلف الأمة والعناية بالأمن الفكري والمطلب الثامن هو التجديد الشرعي لما طالته أيدي الغالين وفتح باب الحوار مع تفعيل لجان المناصحة ليختتم المبحث بالمطلب العاشر وهو التعاون على البر والتقوى.
وجاء المبحث الثاني من مباحث الفصل الثالث من الكتاب تحت عنوان آثار وجهود المملكة العربية السعودية في مكافحة الإرهاب والذي اشتمل على ثمانية مطالب جاءت كما يلي :
المطلب الأول الأثر البارز والفاعل لولاة امر بلاد الحرمين الشريفين في مواجهة الإرهاب وتفعيل مضامين كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز يرحمه الله وكذا أثر هيئة كبار العلماء والمجامع الفقهية وأثر المسجد وخطب الجمعة وأثر الجهات الأمنية في القضاء على الإرهاب وأثر البيت والأسرة فيما جاء المطلب السابع حول أثر الجامعات ودور العلم والمدارس ويختتم بالمبحث الثامن عن أثر وسائل الإعلام.وجاءت خاتمة الكتاب متضمنة أهم التوصيات والنتائج ليعرض لنا المؤلف بأسلوبه الشيق وبيانه الرابع في كل فصل وكل مبحث من مباحث الكتاب الحجة والدليل القاطع الذي يدعم وجهة نظره ويقدم الحل الناجع في كل ما عرض له إلى جانب الكلمة الفيصل في الشبهات التي ناقشها وردها على أهلها.
وجل ما يمكن قوله حول الكتاب هو أنه جاء في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى مثل هذه المؤلفات التي تواجه فتنة الإرهاب الذي وصل إلى التفرقة بين الابن وأبيه والأخ وأخيه وقطع ما أمر الله به أن يوصل.